يبدو ان الادارة الامريكية لم تسأم من لعبة (الجزرة والحصان) مع الحكومة السودانية خاصة أن سياسة (العصا) لم تعد تنفع معها فقد وصلت العقوبات الامريكية والاممية ضد السودان الى مداها.. وها هي الان تعود لممارسة لعبة الجزرة والحصان مرة اخرى وهي تقدم طلبها للسودان بتأجيل الانتخابات التي تعد لها البلاد منذ فترة لاقامتها في منتصف العام القادم وقد ارفقت الادارة الامريكية مع طلبها «جزرات» صغيرات الاول رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب وثانيها التوسط للبنك الدولي لاعفاء ديون السودان ويبدو ان هذه الجزرات لم تعد تبهر الحصان السوداني لانه تعود سماعها وتأكد من عدم ايفاء الادارة الامريكية بوعودها.. لذا رفضت وبدون تردد الطلب الامريكي وبصورة رسمية وقاطعة وقالت على لسان وكيل وزارة الخارجية السفير عبيد الله الازرق ان موضوع تأجيل الانتخابات شأن سوداني محض والحكومة السودانية ليست مستعدة لتلقي دروس في هذا الصدد واشار الى ان الادارة الامريكية لم تف بوعودها الكثيرة. التي قطعتها للسودان في مناسبات كثيرة. وقد ذهب د. الساعوري المحلل السياسي ان الهدف الاساسي للطلب الامريكي هو التأكد من مدى تمسك الحكومة واصرارها على اجراء الانتخابات في موعدها وبالتالي ستكون صاحبة الفرصة الأكبر في حكم البلاد لفترة جديدة ومن غير منافس وقال الساعوري ان امريكا تتحدث بلسان المعارضة التي وجدتها انها امام الانتخابات التي لم تستعد لها ونبه الى ان هذه ليست المرة الاولى التي تعلن فيها الاحزاب المعارضة عدم جاهزيتها للانتخابات واضاف بالقول «لو كانت جادة لاعدت نفسها لها منذ اربع سنوات».. وتوقع الساعوري ان يكون رفض الحكومة لعلمها بنوايا الحكومة الامريكية بتحويل الحكومة الى حكومة غير شرعية بعد انتهاء فترتها حيث سيتحول رئيسها وبرلمانها الى كيانات غير شرعية وبالتالي تستطيع ان تسحب منها الاعتراف الدولي وبالتالي تدخل البلاد في حرب اهلية واضاف بالقول «اعتقد ان امريكا تهيء السودان لحرب اهلية» لان غياب الحكومة الشرعية سيدخل البلاد في حروب اهلية لا يستطيع احد ايقافها. وفيها يتعلق بالوعود الامريكية برفع اسم السودان من قائمة الارهاب واعفاء ديونه من البنك الدولي وقال ان السودان «شبع وعود من امريكا ولن تبهره بعد ذلك لانها لم تفي بما وعدت به في المرات السابقة واصفاً وعودها (ببرق الخلب) الذي لا يأتي بمطر ولم يبعد د. عبده مختار المحلل السياسي مما ذهب اليه الساعوري وقال ان رفض الحكومة السوداني ليس فيه مشكلة وارجع ذلك الى ان الحكومة السودانية تعتبر ان اجراء الانتخابات شأن داخلي ولا يحق لاي دولة خارجية التدخل فيه لانها مسألة سيادة ودبلوماسية وقال انه من حيث المبدأ مقبول ومنطقي الا انه عاد وقال ان الظروف التي يمر بها السودان الان يجعل من الطلب الامريكي معقول لان الحوار يحتاج لمزيد من الوقت لتعارض وجهات النظر بين الحكومة والمعارضة «المسلحة والسياسية» وبالتالي لابد من اعادة النظر في موعد الانتخابات لاكمال العملية الحوارية وقال انه اجراء الانتخابات في موعدها ليس في مصلحة الوطن وانه لا يجد من التفكير في مخرجات الحوار الذي يمكن ان يفضي الى فترة انتقالية وحكومة انتقالية واضاف عبده ان الانتخابات اذا اجريت في توقيتها سيفوز فيها المؤتمر الوطني بفترة ثانية وبالتالي ستستمر ازمات البلاد ومشاكله لذا عاد وقال انه لابد من السعي لاكمال العملية الحوارية من اجل الوصول لخارطة طريق تحل بها المشكلة السودانية. ولم يبعد كثيراً عن حديث الساعوري حول اسقاطات رفض السودان للطلب الامريكي وقال ان امريكا لم يعد لديها ما تفعله كعقوبات للسودان لانها قامت بكل ما يمكن ان تقوم به ضد السودان واضاف ان السودان بنفسه لم يعد «يفرح» بالوعود الامريكية ولا يخشى من العقوبات. وقد ذهب مراقبون الى ان الطلب الامريكي جاء بناء على طلبات من القوى السياسية المعارضة التي لم تستعد للانتخابات على الرغم من انها تعلم بتوقيتها مشيرين الى رغبتها في الوصول للحكومة الانتقالية التي طالبت بها قبل الجلوس للحوار. وعليه يمكن ان نتوقع ان «نغمة» تأجيل الانتخابات هي التي ستتسيد الاجواء السياسية في الفترة القادمة فالمؤتمر الوطني قد شد رحاله نحوها وجهز لها بينما وقفت القوى السياسية تنتظر الحكومة الانتقالية وتأجيل الانتخابات.