الأخ/ طه النعمان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لقد اطلعنا على مقالتكم المنشورة بجريدة «آخر لحظة» بتاريخ 1 أكتوبر 4102، فوجدنا فيها نقاطاً تستاهل الرد والتبيان ونقاطاً أخرى لا يُلتفت إليها؛ فهي محض (لغو!) لا يفيد، ولأن حزب التحرير قوام على فكر المجتمع وحسه فنقدم نصيحتنا هذه لصاحب المقالة لتصحيح ما يحتاج إلى تصحيح وتبيين، ونسأله تعالى أن يهدي الجميع بفكر الإسلام المستنير، فتنهض أمتنا على اساس فكرها الراقي وهو سبحانه الهادي.. ورداً على مقالتك فإننا نورد النقاط الآتية، وهي: 1. ذكرت في مقالتك: «إذا حذفت عزيزي القاريء كلمة (الذين) المكررة مرتين فإن صافي كلمات العنوان تصبح (23) كلمة.. عنوان بالغ الطول بمقاييس الصحافة وعلوم الاتصال الجماهيري..». إن النشرة التي استلمها الأخ طه هي بعنوان (الصليبيون الجدد يجمعون كيدهم ويواصلون القتل والعدوان على بلاد المسلمين والحكام في المنطقة يقاتلون تحت لوائهم دون أن يستحيوا من الله ورسوله والمؤمنين)، فكيف تقول إن هنالك كلمة (الذين) وهي مكررة مرتين؟!، من أين أتيت بها يرحمك الله! وليس صحيحاً أن عدد كلمات العنوان (23) كلمة!، فكيف حسبتها؟!، ومع أنه واضح انك استخدمت طريقة حساب غير صحيحة حسب علوم الحساب والرياضيات!، إلا أننا ادركنا أنه (خطأ مطبعي)، ولذلك فنحب أن نهديك نصيحة تتعلق بمحاذير كتابة المقالات الصحفية حسب المعايير الدولية للإعلام والصحافة (ISM)، فإن الأخطاء المطبعية المتكررة خطر كبير! فانتبه لها مستقبلاً.. يقول «كريس اليوت» في مقاله على الغاردين البريطانية في 2 فبراير 4102م: «إن الأخطاء المطبعية من أخطر العوامل التي قد تؤثر على سمعة الصحف أو مصداقية الصحفيين»، ولاهتمامنا بسمعة صحيفتكم الغراء ومصداقيتك فأحببنا أن نهديك هذه النصيحة. 2. ذكرت في مقالتك: «خصوصاً فكرة الخلافة التي يعتبرها الحزب أحد أركان الإسلام.. ولا ضير إذا كان ذلك اجتهاد حزب سياسي». غريب أمرك يا أخي! فيبدو أنك ما زلت تغرد تغريدات قديمة قد تخطتها الأمة منذ سنين طوال.. نعم، إن الخلافة هي ثابت أصيل من ثوابت الإسلام، فبها يطبق الاسلام العظيم وبدونها لا يطبق الإسلام، فتصبح الأمة كالايتام على مأدبة اللئام.. قال الإمام الماوردي في الأحكام السلطانية: «عقد الإمامة لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع، ويجب إقامة إمام يكون سلطان الوقت وزعيم الأمة، ليكون الدين محروساً بسلطانه جارياً على سنن الدين وأحكامه». إن الخلافة هي رئاسة عامة للمسلمين جميعاً في الدنيا لإقامة أحكام الشرع الإسلامي، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم بالدعوة والجهاد، وأدلة فرضية هذه الدولة مستفيضة من كتاب الله وهدى رسوله، وأدلة الخلافة معلومة مشهورة تكادة لا تخفى على مسلم! لكننا نورد بعضها من باب الذكرى فإن الذكرى تنفع المؤمنين.. يقول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم» ولا يأمر الله بطاعة من لا وجود له. فدل على أن ايجاد ولي الأمر أي الخليفة واجب.. فالله تعالى حين أمر بطاعة ولي الأمر فإنه يكون قد أمر بايجاده. فإن وجود ولي الأمر يترتب عليه إقامة الاسلام، وترك ايجاده يترتب عليه تضييع الحكم بالإسلام، فيكون إيجاده واجباً لما يترتب على عدم إيجاده من حُرمة، وهي تضييع الحكم بالإسلام. نعم، إن دولة الخلافة هي أهم أمر فرضه رب العالمين، وهي أقوى من التشويه والتشويش، فهي مسطورة قولاً وفعلاً في كتاب الله وسنة رسوله وإجماع صحابته الكرام، وهي بإذن الله ستعود خلافة راشدة كما وعد الله سبحانه وبشر بها رسوله صلى الله عليه وسلم، وإن الأمة باتت تتوق لذلك اليوم، بل وتعمل له بجد واجتهاد وإخلاص مع الله وصدق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمة هكذا حالها مع الله فهو سبحانه ناصرها لا محالة: «ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز». 3. تقول في مقالتك: «فالمؤامرة سيدي الناطق أكبر.. كل ما فعلوه هو أنهم حركوا الفوضى الخلاقة في التوقيت المناسب للقضاء على الدول والجيوش لتقسيم المنطقة إلى عشرات الدويلات والإمارات». إذن فإنك ترى أن أمريكا هي صاحبة نظرية الفوضى الخلاقة، وأنها هي من اشعلت الوضع وتآمرت على المسلمين، وترى كذلك أن خطر تنظيم الدولة الإسلامية أيضاً عظيم، ثم تخرجُ من كل ذاك بنتيجة عجيبة! وهي أنه لا ينبغي لحزب التحرير أن يرفض تدخل الكفار المستعمرين في المنطقة، وتستنكر علينا رفضنا تنفيذ مخطط أمريكا!، أي أنك ترى أنه لا بأس في إدخال أمريكا إلى المنطقة لتقسم الدول لدويلات وإمارات ولتدمير جيوش المنطقة.. إن أمرك بحق غريب عجيب!.. إنك تسير على نسق: «وداوني بالتي كانت هي الداء»، فكيف نعالج شر تنظيم الدولة بالاستعانة بامبراطورية الشر أمريكا؛ أليست أمريكا هي الداء الزُؤام؟!، أليست هي التي تريد تمزيقنا وتمزيق الدويلات المتبقية؟، إن منطقك بحق معتل، فليتك يا أخي اعترضت على حزب التحرير اعتراضاً مقنعاً اتبعته بتصور لمجابهة مؤامرة الشر الأمريكية، لكنك اعترضت بمنطق معتل، بل فوق ذلك لم تقدم حلاً لمواجهة المؤامرات الأمريكية على بلاد المسلمين، إن اعتراضك هذا ترسيخ للاستسلام والرضوخ للقوى الامبريالية دون فعل سياسي رادع.. ونقول لك إن الأمة الاسلامية أمة حية لا ترضخ للكافرين، ومهما بلغ كيد الكافرين فإن الأمة له بالمرصاد: «ومكر أولئك هو يبور». 4. ويرى الكاتب أننا نهون من شر تنظيم الدولة وتشويهه للاسلام.. إن حزب التحرير لا يهون ولا يهول، بل هو يعالج الشر بما يستلزمه من ترياق، فإن انحراف التنظيم له علاج في منظومة الاسلام وفق الاحكام الشرعية، فإن الله سبحانه لا يغفل أمراً، لكن الذي يستورد علاجاً من خارج دين الله، فيتسول الكفار المستعمرين ويدخلهم لبلاد المسلمين هو الذي سيشقى ويبلى! يا طه إن الله سبحانه لم ينزل احكام على طه الأمين صلى الله عليه وسلم ليشقى: «طه٭ ما انزلنا عليك القرآن لتشقى٭ إلا تذكرة لمن يخشى»، إن دولة الخلافة وحدها القادرة على معالجة اخطاء التنظيم وفق الاحكام الشرعية، وإرجاعه لجادة الصواب، فإن أي انحراف عن الحق يعالج بتطبيق الحق والإسلام، ومن غير دولة الخلافة يطبق الاسلام؟.. إن الخلافة تقذف الباطل كله؛ سواء باطل التنظيم أو حكام العرب، تقذفه بالحق فيحق الحق ولو كره الكارهون: «بل نقذف بالحق على الباطل فيدمعه فإذا هو زاهق».. وأما إدخال أمريكا واستجداؤها لتستبيح البلاد والعباد وتنهب الثروات وتدمر امكانيات الأمة، وبمباركة من حكام المسلمين.. إن هذا بحق لإحدى الكبر!. 5. وأما حديثك عن أن امريكا تريد تقسيم البلاد وتدمير الجيوش.. فقد صدقت فيه، ونقول لك يا أيها الأخ طه: إن الخلافة الراشدة هي التي تقف بالمرصاد ضد مؤامرات امريكا والغرب الكافر المستعمر ومن غير الخلافة؟، من غيرها وحد البلاد وحكم معظم العالم القديم فعاش المسلمون وأهل الذمة من اليهود والنصارى في كنف الخلافة عيشاً كريماً هنيئاً؟.. نعم إن الخلافة هي موحدة المسلمين وقاصمة ظهر الكافرين المستمعمرين، إن الخلافة هي البضاعة والصناعة، هي العز والمنعة، هي حافظة الدين والدنيا، هي الاصل والفصل، بها تقام الاحكام، وتحدُ الحدود، وتُفتح الفتوح وتُرفع الرؤؤس بالحق لله رب العالمين.. هي التي ستقضي على اتفاقية (سايكس وبيكو 6191) وتزيل الحدود الاستعمارية فتجسد وحدة المسلمين على ارض الواقع، نعم يا طه هكذا تُفشل خطط امريكا وخطط الكفار الغربيين، ونعيد للاسلام والمسلمين عزهم الذي غاب منذ سنين. وختاماً إننا يا اخي لم نورد هذه الردود بادلتها من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، خوفاً على الأمة من التضليل بل لنقيم عليك الحجة أمام الله! فالأمة الاسلامية أوعى من ان تضلل (بلغو قول!).. وما مطالبة الملايين حول العالم لإقامة دولة الاسلام؛ الخلافة الراشدة إلا خير شاهد على ذلك، وإلا فكيف تفسر رفع راية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ راية العقاب، راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله)؛ الراية السوداء حول العالم في أيدي الملايين من مشارق الارض حيث إندونيسيا شرقاً مروراً بالشام الأبية وتعريجاً على مصر الكنانة والسودان وانتهاء بالمغرب العربي، أليس كل ذلك معبراً عن تشوق الأمة بأن تحكم بالاسلام في ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، بقيادة حزب التحرير وأميره العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة؟ فهل ستكون يا كاتب المقالة مع سيل الأمة الهادر أم ضده (فيقتلعك)؟! (والله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون) إبراهيم عثمان (أبو خليل) الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان ٭٭٭٭ ٭٭ من الكاتب: الأخ الكريم الاستاذ إبراهيم أبو خليل.. هذه ملاحظات مختصرة على تعقيبكم لزم توضيحها. 1. بالنسبة لعدد كلمات العنوان 32 «ثلاث وعشرين» كلمة وليست 23 «اثنين وثلاثين» كما أدركتم «الخطأ المطبعي» أما عن «الذين» التي تتساءل عن من أين اتيت بها فهي قد وردت لدى تناولي للعنوان في مفتتح «الاضاءة».. هي من عندي وليس جزء من العنوان، لذا لزمت الإشارة إلى حذفها عند الحساب.. أما التطويل في العنوان فهو عندنا من قبيل عيوب الصياغة، ففي «الصحافة» يفضلون العنوان قليل الكلمات شديد الإبانة والافصاح. 2. المقال كله كان رداً على بيانكم الذي بعثتموه على بريدي الاليكتروني ونال اهتمامي، خصوصاً في الموقف من «داعش» وأحزابها من المنظمات التكفيرية الدموية التي تسيء لصورة الإسلام دين الرحمة والمودة، وكان أملي أن يكون موقف حزبكم المحترم أكثر قوة تجاه مثل هذه المنظمات التي تسيء للاسلام باسم الاسلام وليس اعتبار ما تقوم به مجرد (انحراف) يمكن تقويمه من جانب المسلمين وهي تعمل فيهم سيف الجور والعدوان، والاسلام والرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم قد عصم دماءهم وأعراضهم واموالهم إذا شهدوا ان لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، كما هو ثابت. 3. أما أمر الخلافة فكما تعلم- أكثر مني- أنه جدل طويل يمتد إلى اليوم الذي انتقل فيه الحبيب المصطفى إلى الرفيق الأعلى فاختلف الانصار والمهاجرون عليها في سقيفة بني ساعدة، ثم ما كان من أمر عثمان وعلي رضى الله عنهما والفتنة الكبرى وظهور الفِرَق والأحزاب الاسلامية وانقسام الأمة حولها، حتى صارت الخلافة «ملكاً عضوداً» واستمرت كذلك لأكثر من ألف عام.. فلا انا ولا أنتم بقادرين على حسم ذلك الخلاف.. ولذلك قلت إنها «اجتهاد بشري» واختلاف في فهم النصوص وتفسيرها.. وليس صدفة ان انحصرت الخلافة الراشدة في الأربعة الكرام. 4. أما قولك عن تشوق الأمة لأن تُحكم بالاسلام في ظل دولة الخلافة «الراشدة» على منهاج النبوة «بقيادة حزب التحرير وأميره العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة.. وتساؤلك عما إذا كنت سأكون مع سيل الأمة الهادر أم ضده «فيقتلعني».. فاطمئنك بأنه في حالة تحقيق تلك الأشواق على يد حزبكم بقيادة أميره أبو الرشتة، فإنني سأكون أول المهنئين والمباركين لأنكم عندها ستملأون الأرض عدلاً ورحمة بعد أن ملئت جوراً وظلماً.. أما عن «الاقتلاع» الذي ختمت به تعقيبك، فإنني لم أعهد فيكم من قبل لغة «التهديد والوعيد».. ولتعلم يا أخي أن العبد الفقير لا يحتل موقعاً رسمياً أو حزبياً أو حتى وظيفياً «ليقتلع منه» انما أنا كاتبٌ «على باب الله».. ورزقكم في السماء وما توعدون.. كما يقول سبحانه وتعالى.. أما اذا كان «الاقتلاع» من الدنيا باتجاه الآخرة.. فاعلم أخي أن الله واحد واليوم واحد ويدركنا الموت ولو كنا في بروج مشيدة!!!