اذا تطرقت بكم في الأطروحة السابقة إلى أن (النظر) أو (الرؤية) من مفرداتها التملي وقياس البعد لإحكام السير واللحاق بالمراد.. فإننا ايضاً اليوم نريد أن نقول لانفسنا ولغيرنا أنظرونا وتملوا كيف أننا نقايس ونقتبس من الماضي والماثل ومن الثوابت لكي لا يرتج بنا المسار وتختل وتختلف الخطى.. ولا نتوانى أبداً ان نهتدي بالمرجعيات الظاهرة والكامنة المتلاحقة من كتابنا الكريم الذي يقول (... وما فرطنا في الكتاب من شيء) وهذا يشير إلى أن التحدي هو منافذ ووسائل الإدراك وأذ المعنى.. إذ تُرك فينا ما إن تمسكنا بهما لن نتوه أو نضل بعده أبداً (كتاب الله) و (سنتي) كما أثبت المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن هنا جاء الإستدراك على كل الممارسات السالفة في تقديم المنتقى الذي يقود القوم.. إذ لا نستحي أن نردد دائماً حكمة الشاعر العربي: لا يصلح الناس فوضى لاسراة لهم ٭ ولا حياة اذا جهالهم سادوا ومن ثم تأتي تلاحقات الممارسة الذكية التي تقدم بها الخريجون في تجربة انتخابات ما بعد انتفاضة ابريل (5891) حيث اكتسح الخريجون دوائر انتخابات العام (6891) وهم يقولون دائماً (رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين) وأيضاً بمقولة (يوسف) عليه السلام لملك مصر وقتها (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) قبل أن يقول له (... وآتيناه الحكم صبياً) كل هذا نورده لنقول بأن تجربة الانتقاء (السباعي) أو (الخماسي) أو (الثلاثي) من بين فئة تختار على رؤوس مؤتمر منظم.. لتعين به بعد ذلك الجهة أو الفئة الأخرى صاحبة القرار.. هذه التجربة تفرد بها الأداء الشورى بالمؤتمر الوطني السوداني مهما شابها من متاريس أو قال عنها بعض المرجفين فهي تجربة ترجعنا لقياس مبادرات الصحابة الأولى حين ذهب النبي صلى الله عليه وسلم للرفيق الأعلى تاركاً الدنيا.. وكان أمام القوم يومئذ (أبو بكر) و (عمر) و (علي) و (عثمان) وفي (سقيفة بني ساعدة) بالمدينة المنورة جرت الشورى فقدموا (أبا بكر) خليفة للمسلمين.. ثم توالت تجربة الحكم في عهد الخلافة الراشدة.. وان تواجه المسلمون في بعض المنعرجات.. وحتى إن أوصى أمير المؤمنين (عمر بن الخطاب) عند وفاته ألا يكون ابنه (عبد الله) من بين المرشحين لانتخابات الخلافة.. فهي إذن منهج تشاوري لغرس طريقة تولي السلطة بالتراضي حسب الممارسة الظرفية وقتها (وشاورهم في الأمر فاذا عزمت فتوكل على الله) فإذن هذا ابتدار قام به اليوم المؤتمر الوطني بالسودان رغم التحديات الماثلة.. فإن كانت هذه السابقة هي وليدة التنافس الداخلي لحزب بعينه.. فإن المتصاعدين منها سيخوضون التنافس الحزبي الشامل الذي وضحت وبرزت فيه (أي التنافس) حتى اليوم (82) حزباً.. لدى المفوضية المعنية.. تأتي بعد ذلك داخل هذا الكيان- المؤتمر الوطني- النفرات الشعبية الوطنية الداخلية والخارجية إذ ليس للانسان إلا ما سعى وان سعيه سوف يرى.. وتمتد المتلاحقات بالبيان العملي الميداني.. وهو يقول (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) وهم كلهم يختزنون الآية الكريمة (... وأما بنعمة ربك فحدث) فحدث إما بنعمة الطرق أو الأمان- أو الكساء والطعام أو التعليم والذهب والبترول والمياه أو الخدمات الأخرى.. والأخرى.. تحت منطوق الآية (.. ولقد خلقنا الانسان في كبد) فالاقتباس اذن يكون من فواصل الحياة المتعاقبة المتراكبة (.. ولكم في رسول الله أُسوة حسنة) وكل التحديات والمضاعفات تدلكم انتم عليها التجارب والوقائع الماثلة بينكم ومن حولكم.. (والسعيد من اتعظ بغيره) فإن اجتمع أهل الشورى والرأي في كل ولاية سودانية لتقدم م(أي الولاية) تقدم في مرحلتين (القيادي) سبعة و (الشورى) خمسة ليصعدوا للرئاسة الخرطوم وهي (أي الخرطوم) هي الجهة المتابعة وصاحبة ملف كل ولاية تاريخاً وواقعاً ماثلاً.. لاصطفاء واحد منهم لخوض عباب معركة انتخابات ابريل القادمة وهنا في رئاسة الحزب الوطني السوداني تقدم المجموعة المتنافسة بين (القيادي) و (الشورى) تقدمهم المشير (عمر حسن أحمد البشير) ليكون المرشح من قبل المؤتمر الوطني.. للمؤتمر الوطني القومي.. ومن ثم مرشحاً لرئاسة الجمهورية لانتخابات (5102) منافساً لمرشحي الأحزاب الأخرى.. وهنا يتجلى أيضاً وضوح التجربة ونقاء الأمر.. حتى كأننا نقرأ قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما تشاور قوم قط إلا هُدوا لأرشد أمرهم) فكل هذه الملحمة بالرئاسة والولايات هي لانتقاء الارجح للفوز بمقعد القيادة وزعامة الأمة.. ثم تقوم إزاء ذلك هبة وانتخابات المجلس الوطني القومي.. ومجالس الولايات التشريعية.. ثم تجربة تشريعيات المحليات عبر الوطن العريض.. والمؤسسات والكيانات الهيكلية الأخرى لحكم وطننا الحبيب السودان الذي يحتويه حديث المجتبى صلى الله عليه وسلم (جُعل السخاء عشرة أجزاء تسعة منها في السودان وجزء لسائر الخلق).. والله أكبر..