الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله سيدنا محمد وعلى آله ومن اهتدى بهداه وبعد الأخ الكريم رئيس تحرير صحيفة آخر لحظة متعكم الله بالعافية لقد أقيم في مسجد من مساجد ولاية الخرطوم ملتقى دعوي بمناسبة المولد النبوي الشريف، وكان نعم الملتقى ونعم الاحتفال، وفيه وزعت مطوية فيها فتوى مفصلة عن مشروعية الاحتفال بمولد النبي عليه الصلاة والسلام، فأحببت نشرها عبر صحيفتكم وأسأل الله أن لا يحرمنا وإياكم خير نشر العلم مسجد حي الإخوة الملتقى الدعوي في رحاب المولد النبوي الشريف قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ»- صدق الله العظيم أقوال بعض كبار علماء الأمة في مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف قال الشيخ ابن تيمية رحمه الله: «في تعظيم المولد واتخاذه موسماً قد يفعله بعض الناس ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم لابن تيمية (1/279) قال الإمام ابو اشمة شيخ الامام النووي رحمهما الله:«ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق ليوم مولده صلى الله عليه وسلم من الصدقات والمعروف وإظهار الزينة والسرور فإن ذلك ما فيه من الإحسان للفقراء مشعر بمحبته صلى الله عليه وسلم الذي أرسله رحمة للعالمين» السيرة الحلبية لعلي بن برهان الدين الحلبي (83/1-84) قال الإمام السخاوي رحمه الله:«لم يفعله أحد من السلف في القرون الثلاثة وإنما حدث بعد ثم لا زال أهل الاسلام من سائر الأقطار والمدن يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويعتنون بقراءة مولده الكريم ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم» السيرة الحلبية لعلي بن برهان الدين الحلبي (83/1-84) قال الامام الجزري رحمه الله:«من خواصه أنه أمان في ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام» السيرة الحلبية لعلي بن برهان الدين الحلبي (83/1-94).. قال الامام السيوطي: «هو من إبدع السنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف» الحاوي للفتاوى (292/1) وقال أيضاً: «يستحب لنا إظهار الشكر بمولده صلى الله عليه وسلم والاجتماع واطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات، وإظهار المسرات.. الحاوي للفتاوى (292/1) وقال أيضاً: «ما من بيت أو محل أو مسجد قرئ فيه مولد النبي صلى الله عليه وسلم إلا حفت الملائكة أهل ذلك المكان وعمهم الله تعالى بالرحمة والرضوان» الوسائل في شرح المسائل للسيوطي- قال الامام ابن الحاج رحمه الله: «فكان يجب أن يزداد يوم الاثنين الثاني عشر في ربيع الألوف من العبادات والخير شكراً للمولى على ما أولانا من هذه النعم العظيمة وأعظمها ميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم» المدخل (361/1)- قال الامام زيني دحلان رحمه الله: (ومن تعظيمه صلى الله عليه وسلم الفخر بليلة ولادته وقراءة المولد» الدرر السنية (190)- قال الإمام العراقي رحمه الله:«إن اتخاذ الوليمة واطعام الطعام مستحب في كل وقت، فكيف إذا انضم الى ذلك الفرح والسرور بظهور نور النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر الشريف، ولا يلزم من كونه بدعة مستحبة بل قد تكون واجبة» شرح المواهب اللدنية للزرقاني- قال الامام ابن حجر العسلاني رحمه الله: «أصل عمل المولد بدعة لم تنقل من أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها فمن تحرى في عملها المحاسن وجنب ضدها كان بدعة حسنة، وإلا فلا وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى، فنحن نصومه شكرا لله تعالى فيستفاد منه الشكر لله على ما من به في يوم معين من اسداء نعمة أو دفع نقمة، ويعاد ذلك نظير ذلك اليوم من كل سنة والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأية نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم، وعلى هذا فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من التلاوة والاطعام وإنشاد شيء من المدائح النبوية المحركة للقلوب الى فعل الخير والعمل للآخرة.. وأما ما يتبع ذلك من السماع واللهو وغير ذلك، فينبغي أن يقال ما كان من ذلك مباحاً يقتضي السرور لا بأس بالحاقه به وما كان حراماً أو مكروهاً فيمنع وكذلك ما كان خلاف الأولى» الفتاوى الكبرى (196/1)- قال الامام بن عابدين رحمه الله في شرحه على مولد بن حجر: «أعلم أن من البدع المحمودة عمل المولد الشريف من الشهر الذي ولد فيه صلى الله عليه وآله وسلم» وقال أيضاً:« فالاجتماع على سماع قصة صاحب المعجزات عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات من أعظم القربات لما يشتمل عليه من المعجزات وكثرة الصلوات- ذكر بعض من ألف المولد قديماً: الحفاظ عبد الرحيم العراقي: توفي 808ه له مولد باسم «المورد الهني في المولد السني» الحافظ بن كثير توفي 774ه وله مولد طبع بتحقيق صلاح الدين المنجد- الحافظ السخاوي توفي 902ه وله مولد باسم «الفخر العلوي في المولد النبوي»- الحافظ بن الجوزي: توفي 597ه وله مولد باسم «العروس» وقد طبع في مصر- الحافظ أبو الخطاب عمر بن علي بن محمد المعروف بابن دحية الكلبي: 632ه وله مولد باسم «التنوير في مولد البشير النذير»- شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي: توفي 824ه وله مولد باسم المورد الصاوي في مولد المختار واللفظ الرائق في مولد خير الخلائق- الحافظ شمس الدين بن الجزري: توفي 660ه إمام القراء وله مولد باسم عرف التعريف بالمولد الشريف- علي زين العابدين السمهودي: توفي 911ه وله مولد اسمه «الموارد الهنية في مولد خير البرية»- الحافظ محمد الشيباني المعروف بابن الديبع: توفي 944ه- ابن حجر الهيتمي: توفي 974ه وله مولد باسم الملد الروي في المولد النبوي- المحدث جعفر بن حسن البرزخي: توفي 1177ه وله مولد باسم «عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر» وهو من أكثر الموالد انتشاراً في البلاد الإسلامية. خاتمة: إن فيما قال أفذاذ علماء الأمة المؤتمنون في نقلهم للشرع المصون وهم كثرة لا يحصون وهم السواد الأعظم في الأمة، وقد تلقت الأمة دينها عنهم بطريق الإسناد الذي لا شك فيه الى الصحب الكرام الى المعلم الأعظم صلى الله عليه وسلم، وهم أهل الورع والخشية فهل جميع هؤلاء الرجال الأكابر الفطاحلة في العلم المشهود لهم بالصلاح اجتمعوا على باطل وهم من وصل ديننا عن طريقهم عليهم رضوان الله وجزاهم عن الأمة خير الجزاء.. وفيما قالوا من بيان لهذه المسألة غنية وكفاية للمتأمل الباحث عن الحق المتخلي عن هواه والله أعلم.
