وبالأمس أرقنا مداداً كثيراً ونحن نتحدث عن التواطؤ الرياضي.. وما كنت أحسبني أحيا إلى زمن لأشاهد تواطئاً مدهشاً في حقول السياسة وفي غابات الانتخابات.. وما كنت أحسبني أحيا إلى زمن لأعيش على هامش أغرب وأعجب انتخابات تجرى أحداثها على كل الكوكب.. والأحبة في المؤتمر الوطني.. وبعد أن دان لهم الوطن بكامله وامتلكوا كل مفاصله.. ها هم الآن يمتلكون حتى نوايا الناس ويقرأون حتى الأفكار وهي داخل الصدور وإلا من أين ضمن هؤلاء الأحباب حصاد الأصوات والفوز بالدوائر في انتخابات ما زال يفصلنا منها أربعة أشهر حسوماً.. وإلا من أين لهم كل هذه الثقة التي تجعلهم يتنازلون كرماً وفي حاتمية يحسدهم عليها الطائي من ثلاثين في المائة من دوائر ما زالت نتائجها في رحم الغيب.. لحلفائهم من مجموع الأحزاب التي ارتضت أن تكون «مقطورة في عربة الفرملة».. أي انتخابات تلك التي يخليها المؤتمر الوطني لمنافسين له ولأحزاب لها دور وقادة وبرامج.. إنه الوجع.. وإنها الدهشة التي تجتاح كل «مخ» وعقل وحزب «يتكرم» على أحزاب تزعم أنها منافسة بحفنة دوائر ليفوز فيها الذين إرتضوا أن يتقبلوا في «مسكنة» تلك المكرمة.. بالمناسبة أنا لست مندهشاً ولا مستغرباً.. ولا متعجباً من أحزاب ظلت مع أحبابنا في المؤتمر الوطني شريكة ب«فتات» وزارات اتحادية أو ولائية.. أحزاب أخواننا الدقير ونهار ومسار ولكني في غاية العجب أن تشمل الهبات والهدايا حزب مولانا «أبو هاشم» والذي يتقبلها ولسانه يلهج بالشكر. والله «مسكين» الاتحادي الديمقراطي الذي يطلق على نفسه «الأصل» مسكين وهو يطوي راياته راية إثر راية.. مسكين وهو ينسى.. أنه وفي آخر انتخابات ديمقراطية وفي حكومة ديمقراطية قد جاء ثانياً بعد حزب الأمة وبمقاعد في الجمعية التأسيسية تفوق الستين مقعداً.. انتخابات شهد العالم وشهدنا نحن وشهد عليها كل الشعب السوداني بالنزاهة والنظافة التي ترقى إلى البريق والإضاءة. إني حزين.. حزين حد البكاء.. البكاء على موسم أفراح وسحب إبداع ظلت تهطل في وابل خير عند كل انتخابات في السودان.. حزين ونحن نسترجع ذكرى أيام مترفة وليالي سياسية مبهجة.. وكل حزب يقدم برامجه إلى الناس.. حزين وأنا استرجع ذاك الشريط البهيج والصفوف تتلوى أمام مراكز الاقتراع تحت أشعة الهجير أو لسعات الزمهرير.. والمواطنون يتركون أعمالهم الخاصة ويهرعون إلى حيث الاستحقاق وبذل بعض العطاء لوطن بديع ونبيل.. حزين وأنا أعيد أمام ناظري وأقرأ ما هو مكتوب في مؤخرة دماغي كيف كنا نترقب إعلان نتائج الانتخابات ونحن متحلقين حول «المذياع» لنعرف من هو الرابح ومن هو الخاسر لأن الله وحده هو الذي يعلم من الرابح ومن الخاسر.. الآن يا أحبة أعلن لكم نتائج الانتخابات التي سوف تجري في ابريل القادم ليس لأني ارجم بالغيب.. ولا أنا ضارب للرمل.. ولا حدثتني «وداعية» ولا أسر لي ذاك الذي ابداً يتنبأ عبر الصحف بأحداث تحدث وكأنه قد هتكت له أستار الغيب.. رغم ذلك اقول لكم إن المؤتمر الوطني سوف يتحصل على 624 نائباً بالمجلس الوطني.. لن يسقط منهم نائب واحد «ومن الليلة» طالعوا أسماء نواب البرلمان القادم المنشورة في كل الصحف تحت مسمى المرشحين.