كثير من الكتاب يتحدثون عن (العمالة) وهم يعنون بها العمال.. جمع عامل والصواب أن العمالة بكسر العين هي أجرة العامل أو حرفته وكذلك العمالة (بضم العين) أما جمع عامل فهي عملة بفتح العين والميم واللام.. وعمال.. وحديثنا هذا إلى العَمَلة الأجانب.. فخروج بعض الفئات المحلية من سوق العمل سد الفراغ عملة أجانب وردوا إ لينا من بعض الدول المجاورة بتركيز من دولة مجاورة معينة معروف أهلها لنا من زمان قديم.. كانت صلتهم قد ضعفت إلا من القليل الذين كانوا يعملون بالأعمال الزراعية وعملة آخرين وردوا من دول آسيوية ولكن في حدود ضيقة لا ترقى إلى مستوى ا لظاهرة.. انحصروا في مجال النفط والصناعة.. أما الذين وردوا من الدولة المجاورة المعينة.. فقد انتشروا للعمل في مجال التشييد والأعمال اليومية الأخرى والعمل في المنازل رجالاً ونساء... وفي الكافتريات اللائي استغلتهن في مجالاتها كعنصر جاذب بعد أن هيأت لهن الأزياء الموحدة.. وتدربن على حسن استقبال الزبائن .. يوزعن البسمات لمن هب ودب لارضاء صاحب العمل وضمان الاستمرار فيه وعملهن كبائعات في بعض المحال.. وكعمال وعاملات نظافة في بعض المؤسسات والمكاتب والمستشفيات حيث يعرفون ويعرفن بالطاعة والمحافظة على الوقت والعمل وربما الخوف من التسريح والاستغناء.. والنساء لم يتركن حتى مجال العمل كبائعات للشاي والقهوة التي يعرفن بإجادتها.. وقد شاهدت في منازل بعض الوجهاء من يقمن بإعداد القهوة أمام الضيوف كمبالغة في كرم المضيف.. وكظاهرة ارستقراطية أيضاً.. ويجمع كثير من الناس على أن إقامتهم عندنا هي محطة يتسربون منها إلى دول أخرى... كدول أوربا ودول الخليج.. ،جلهم إ ن لم يكن كلهم قد دخلوا البلاد بطرق غير قانونية وبواسطة سماسرة يتقاضون مبلغاً معيناً عن كل (رأس).. ويقيمون في تجمعات بالعاصمة والولايات.. يحتلون أحياء معينة لدرجة أنهم يفتحون فيها محلات تجارية تزخر ببضائع خاصة بهم من منتجات بلادهم.. واستجلبت منها.. وعلى هذه المحلات لافتات مضيئة مكتوية بلغتهم.. والمتجولون في شوارعها.. ولعل من الطرائف التي تروى في هذا المجال أن أحدهم كان يشكو للآخر قائلاً (يآ خي السودانيين ديل مزاحمننا في الحي.. محل ما نمشي نلقاهم) ونسمع أحياناً عن حملات تقوم بها الشرطة بضبط المخالفين .. ولكنهم يعودون في اليوم التالي بعد امهالهم لتسوية أوضاعهم... والحق أن العاملين في المنازل والعاملات وخصوصاً المسلمين يلتزمون بصلواتهم وأخلاقياتهم ويؤدون أعمالهم في هدوء غير أنهم يتحدثون في «جوالاتهم» طيلة أوقات فراغهم، ربما لأن أكثرهم لا يجيدون العربية ... أو لا ينفتحون على أهل البيت... وبعض البنات يصرحن بأنهن يرسلن مرتباتهن إلى أهليهن ليشيدوا لهن مساكن.. والملاحظ فيهن أنهن يحببن الأطفال بالمنازل.. والمتزوجات لا يصرحن بذلك بل تزعم الواحدة منهن أن زوجها (أخوها).. يقلن إن سيدات المنازل لا يرغبن في تشغيل المتزوجات.. ولعل الظاهرة الغريبة هي ظهور سماسرة بينهم.. يجلبون الشغال أو الشغالة مقابل مبلغ معين من المال، يزداد كل فترة وأخرى ويأتي الشغال أو الشغالة ليعمل بالمنزل شهرين أو ثلاثة ثم يزعم أنه مسافر أو يتغيب عن العمل بدون إنذار أو إعتذار .. لتضطر أنت إلي ا لاتصال بالسمسار ليجلب لك آخر أو آخرى ويتغاضى سمسرة أخرى... ويأخذ ذاك إلى منزل آخر فيتقاضى عليه سمسرة أيضاً فتكون العملية عملية إحلال وإبدال .. والعاملون بالمنازل لا تحدث منهم مشاكل غير هذه.. أو انحرافات .. وهم يهتمون بنظافة أجسادهم وملابسهم.. وهم يحددون مرتباهم ويرفعونها بحجة ارتفاع الدولار.. ويربطونها بالتحويل إلى أهلهم فكل ما ارتفع سعر الدولار يرفعون أجورهم للمحافظة على كمية الدولارات التي يرسلونها لبلادهم. ونسمع عن بعض الممارسات والإنحرافات والاتجار بالبشر والمخدرات.. وهذا لحسن الحظ بعيد عن العاملين بالمنازل.. ولاشك أن أجهزتنا الأمنية قادرة على كشف ومحاربة هذه الظواهر المدمرة. والذي نرجوه من مكتب العمل دراسه أوضاعهم وتحديد أجورهم .. والعمل على تقنين أقامتهم.. وتحديد إجازاتهم للأعياد والمناسبات.. والعمل على إجراء الكشف الطبي الدوري بمساعدة وزارة الصحة حتى لا ينقلوا من الأدواء ما يعجز عنه الدواء.