لا أنفي إعجابي اللا متناهي بالفنان الكبير صلاح بن البادية، ولن أبالغ إن قلت إن إعجابي بهذا المبدع الاستثنائي بلغ سدرة منتهاه، بعد مبادرته وشروعه في إنشاء مؤسسة ثقافية فنية تحمل اسمه، سعدت بالوقوف على تفاصيلها وخرطها الهندسية.. هكذا فنان هو قطعاً عنوان كبير وعريض مخطوط بكل ألوان قوس قزح في صحيفة الفن، لأنه صاحب رسالة وقضية وفكرة، لم يتوقف دوره عند غسل همومنا بصوته القوي المشحون بالطرب المتدفق من حنجرته الذهبية كما شلال جبل مرة، ولا بأغنياته القديمة المتجددة دوماً التي تطربنا وتبهجنا وتسافر بنا الى عالم بعيد بلا هم ولا حزن ولا كدر. صلاح بن البادية من القلة التي تغنت بالكلمات الرصينة التي تهذب المشاعر وتغذي الوجدان بوجبات الحروف الأنيقة الجميلة الدسمة، لذلك ليس غريباً أن نكوّن لجنة قومية عليا لتكرمه ولتقف على مشروعه الذي هو مشروع كل السودان «مؤسسة ابن البادية الثقافية الفنية»، وليس غريباً أن يقدم كل فناني العالم المحاضرة المجانية عن دور ورسالة الفنان في الحياة، وأن هذا الدور وهذه الرسالة لا يقفا عند تقديم الأغنيات فقط، والدرس المهم هو أنه ليس كل من أمسك بالمايكرفون وغنى هو فنان، وليس كل من صفق له الجمهور فنان.. الفنان الحقيقي هو صاحب الرسالة والمهموم بقضايا وطنه وأهله والعالم، بأن لكل إنسان رسالة في الحياة، وأن رسالة الفنان هي زرع المحبة والقيم الفاضلة التي تثمر خيراً على المجتمع. ألا يحق لي قرائي الكرام أن أعجب بفنان هو قامة وبين الفنانين صاحب أعلى هامة.. خاصة وأننا نعيش في زمان أصبح فيه المغنون والمغنيات أكثر من عدد المستمعين والمستمعات، زمان كل رأس مال الفنان فيه هو آلة «اورغن» وجهاز «ساوند» وشوية «اكسسوارات» كده! «خلونا» نرجع لابن البادية ونقول.. شكراً للحكومة وللجنة القومية العليا لتكريمه، وبعد الشكر نقول إن تكريم هذا المبدع في أن نرى مؤسسته الثقافية الفنية واقعاً معاشاً على أرض الواقع، وتقوم بدورها على أكمل وجه. وغير ذلك يكون التكريم ناقصاً.