يحسب للمشرع السوداني المرونة التي توائم (بين الجريمة والعقوبة)، بحيث تجعلهما متناسبتين.. فلا يستقيم أن تكون الجريمة بشعة تشيب لها الرؤوس وتكون العقوبة (سياحة في دار التوبة).. لقد انعتق أخيراً.. من قوالب الجمود التي ظل يرزح تحتها القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م دون تغيير يذكر- على الرغم من الإزدياد المضطرد في معدل بعض الجرائم- وما تخلفه من آثار مدمرة على المجني عليه وأسرته وكل المجتمع..!. ومنها جريمتا الاغتصاب والتحرش بالأطفال.. فقد بحت الأصوات وهي تنادي بضرورة (زيادة الردع) و(رفع العقوبة) إلى أقصى معدلاتها، لما تتسم به هذه الجرائم من وحشية.. وانتهاك للبراءة تدل على أن الجاني يتسم بالقسوة.. السادية الشذود.. و (الأعوجاج النفسي).. الأمر يستلزم بتره وإبعاده لسنين طويلة عن المجتمع.. أوحتى إعدامه، وأخيراً تم تفعيل قانون الأسرة والطفل.. لا بل بدأت المحكمة فعلاً العمل به! والذي تتسم مواده بكثير من الضبط.. أما صياغته فقد راعت (مجريات الأحداث- وازدياد الجرائم.. الواقعة على الأسرة والطفل.. بمعقولية- وأهم ما تم في هذا القانون هو رفع معدل العقوبة في جريمتي التحرش والاغتصاب (فقد تصل عقوبة التحرش إلى السجن خمسة عشر عاماً- والاغتصاب إلى المؤبد أو الإعدام..) وهذا لعمري انتصار للإنسانية وحماية للطفولة ولكل المجتمع.. وسنجني ثماره إن شاء الله أمناً وسلاماً وطمأنينة. فقد أصدرت محكمة الأسرة برئاسة القاضي القدير (خالد المبشر قراراً حازماً بالحكم بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً على شيخ خلوة تحرش بطفلة في السابعة من تلميذاته).. وغيرها من الأحكام التي أثلجت فعلاً صدور قوم أنهكتهم الآلام والأوجاع من مثل هذه الجرائم التي تأباها الفطرة السليمة.. ولابد للأسرة من أن تتضافر جهودها لحماية الأبناء والصغار بحرص وحذر.. قبل وقوع الجريمة، فإهمال الطفولة جريمة أكبر في حقها ( وعلى الأمهات إحاطة أبنائهن بالرعاية وعدم تركهم في الطرقات بيوت الجيران والأصدقاء- أو إرسالهم إلى الحوانيت.. فلا أحد يعلم من أين تأتي الكارثة أو المصيبة.. وكم من حاميها حراميها.. زاوية أخيرة: إن كثيراً من المجرمين لا يقرأون الصحف ولا يعرفون العقوبات لجهلهم.. ولأن الثقافة آخر اهتماماتهم.. إذن فالإعلان عن هذه العقوبات الرادعة في مكان عام.. أو مكان تجمع- سيعلم هؤلاء المجرمون أي منقلب سينقلبون..!!