من المفارقات أن اللقاء الكبير الذي نظمه المعاشيون ضمن حمله دعم ترشيح المشير عمر البشير للرئاسة بالأمس، كان في الصالة الذهبية بالخرطوم بحري، وربما مسمى المكان للتذكير بالعهد الذهبي لتلك الفئة التي سكبت عصارة جهدها وعرقها في خدمة البلاد في شتى المناحي، وهو الأمر الذي أكده الرئيس في كلمته حتى أنه رفع درجات الحماس داخل القاعة، عندما نوه إلى أنه واحد من قبيلة المعاشيين، وأشار إلى المعاشيين وهو واحد منهم أنهم «لاراجين علاوة ولا راجين ترقية، وإنهم يستشعرون أن الدولة عليها واجب تجاه الناس الاعطوا ثمرة جهدهم».. وقد وجد البشير في لقاء المعاشيين دعماً كبيراً وبدأت على محياه حالة من السعادة الغامرة، ولذلك قال كلمات ستظل محفورة في الذاكرة: «كلنا بنسعى لبناء أمة موحدة وآمنه ومتحضرة، دا برنامجنا، نعم العالم من حولنا بيغلي لكن نحن ما بنشبه الآخرين ولا السودانيين بيشبهوا الآخرين»، وقطعاً حالة عدم الشبه أوجدها المعاشيون. وكان مرشح الوطني للرئاسة قال: «المعاشيون هم الفئه الذين أعطوا جهدهم وثمرة معرفتهم وشبابهم لهذه الأمة وأن كل ما تم إنجازه هو إنجاز للخدمة العامة». جاء المعاشيون ليعلنوا دعمهم لترشيح البشير حتى أن رئيس الهيئة القومية لدعم البشير وهو المشير عبد الرحمن سوار الذهب يعد أبرز المعاشيين. في كلمة ممثل متقاعدي القوات النظامية العميد «م» أبوبكر بشارة كشف عن ترشيحه للبشير منذ سبعينات القرن الماضي- بالطبع ليس للرئاسة- وإنما للالتحاق بجهاز الأمن القومي ولكن كما قال « فضل البشير الاستمرار والمواصلة في القوات المسلحة وفي سلاح المظلات».. وها هو ترشيح البشير يتكرر، ولكن هذه المرة لرئاسة الجمهورية، وكما قال المشير سوار الذهب في كلمته إنهم رشحوا عمر ليستكمل السلام ويقضي على التمرد، وأرسل إلى الأخيرين تهديدات بأنهم إن لم يأتوا بالحسنى فإن القوات المسلحة قادرة على حسمهم. وامتدح البشير دور المعاشيين خاصة وأن الحكومة ظلت توليهم عناية خاصة وقد أفلحت وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي مشاعر الدولب - والتي كانت بين الحضور بالأمس - في مشروع رفع سن المعاش إلى (65) عاماً، والذي باركه الرئيس ووجه بإنزاله على أرض الواقع للاستفادة من خبراتهم، وسبقها استثناء لأساتذة الجامعات والمنتسبين للخارجية، مما حفز وزارة الرعاية للسعي لتعميم الأمر. وأكد البشير أنه كان لا بد للوطن أن يقف مع المعاشيين فى هذه المرحلة. وكانت وزارة الرعاية قطعت بمساهمة الدولة لخلق فرص عمل للمعاشيين بتوفير التمويل اللازم للاستفادة من الخبرات المتراكمة لهم لتصبح طاقات منتجة. وقالت في وقت سابق إن الدولة لديها سياسة عامة لتفعيل نوافذ التمويل الأصغر، داعيةً المعاشيين لإنشاء محافظ خاصة يرعاها بنك السودان على أن تكون بمزايا وشروط نسبية لهم، وأكدت الحاجة لتوجيه التمويل الأصغر لصالح المعاشيين لخلق فرص العمل الكافية لهم. ومضى البشير في ذات الاتجاة بالقول «نحن ما جينا عشان نتحدث عن بعض الوعود لكن دي حقيقة مسؤولية من الدولة تجاه الناس الأعطوا ونحن بنوجه كل مؤسسات الضمان الاجتماعي أن توسع مواعينها وتستثمر كل الفرص المتاحة الآن سواء تقديم الخدمات المفروض تقدم من خلال مؤسسات الضمان الاجتماعي التأمين الصحي والإسناد الاجتماعي وتوفير السكن لأنه عيب على دولة لا تخدم إنسانها وهو خدم حتى تقاعد للمعاش». كان البشير صريحاً مع المعاشيين وهو يجاهر بأنه عيب على الدولة التي لا توفر الضمان الاجتماعي في التعليم والصحة للمعاشيين وأبنائهم وأنه لا يقول هذا الحديث من باب الدعاية الانتخابية، وإنما هي مسؤولية أمام الله تجاه أناس أعطوا ويجب على الدولة أن تقوم بمسؤولياتها تجاههم. ووجه بوضع قانون يحترم المعاشيين ويقدر دورهم. كان اللقاء، لقاء مناصرة ودعم، ولقاء وفاء لأهل العطاء، خاصة وأن لقاءات للرئيس مع بعض فعاليات مكونات المجتمع المدني تم تأجيلها، وربما لن تقام مع قصر الفترة وقرب موعد إغلاق باب التعبئة الانتخابية، ولكن قطعاً أن المعاشيين شريحة مؤثرة ويوليها المؤتمر الوطني أهميته، كما قال الأمين السياسي للحزب الحاكم حامد ممتاز ل«آخر لحظة».