حمل الرئيس عمر البشير إبان زيارته لولاية جنوب كردفان الأسبوع قبل الماضي بشريات للمزارعين في الولاية بعدما وعدهم بنفض الغبار عن مؤسسة جبال النوبة الزراعية العتيقة وإعادة الحياة إليها بعد أن تم طمرها في بداية عقد التسعينيات، عودة المؤسسة الزراعية التي تأسست في الربع الأول من القرن الماضي تمثل دون جدال الرجوع القوي لإنتاج القطن المطري الذي كانت تتميز به المنطقة، فضلاً عما يمكن أن يساهم به من نصيب لإنقاذ الاقتصاد الوطني ورفع كفاءته سيما وأن القطن ظل يمثل المحصول النقدي الأول في قائمة الصادرات الوطنية. قرار إعادة مؤسسة جبال النوبة الزراعية - حسب مهتمين - يعني أن متخذ القرار قرأ الساحة الجنوب كردفانية بشكل جيد وعرف ما يحتاجه سكان تلك المناطق (في مقابل) غياب الفكر والتخطيط الولائي وعدم تلمس ما يحتاجه المواطن. .. في الجزء الأول من هذا التحقيق تلقي (اخر لحظة) الضوء على مؤسسة جبال النوبة الزراعية وتتبع مسيرتها والعقبات التي أدت إلى حلها.. فإلى متن التحقيق: المشاريع والمساحات الزراعية:- ضمت مؤسسة جبال النوبة الزراعية قبل حلها عدد (9) محطات تقدم من خلالها خدماتها الزراعية المتكاملة للمزارعين وعلى رأسها «كادوقلي» حيث تضم رئاسة المؤسسة بجانب محطة كادوقلي للخدمات الزراعية وتسمى كمصطلح «تفتيش»، ويوجد بها (23) مشروعاً زراعياً على مساحة (70.900) فدان يمارس عليها (80%) من سكان منطقة كادوقلي حرفة الزراعة وعلى رأسها محصول القطن كمنتج نقدي. كما توجد أيضاً محطة «لقاوة» والتي تضم عدد (8) مشاريع زراعية على مساحة (30.000) فدان وتتراوح نسبة المزارعين هنالك إلى (50%)، أما محطة «كلوقي» يوجد بها عدد (12) مشروعاً زراعياً على مساحة (36.500) فدان، وتركز هذه المنطقة على زراعة القطن كمحصول نقدي نسبة لغزارة الأمطار التي لا تسمح بزراعة السمسم. في تلودي عدد المشاريع الزراعية (9) مشاريع على مساحة (33.300) فدان ونسبة المزارعين (85%) من جملة سكان المنطقة، والقطن هو المحصول النقدي الأول بمحطة «أبوجبيهة» عدد المشاريع (8) مشاريع على مساحة (28.300) فدان، ويمثل المزارعون نسبة (45%) من عدد سكان المنطقة. ويبلغ عدد المشاريع بمحطة «الدلنج» سبعة مشاريع على مساحة (16.600) فدان، ونسبة المزارعين من جملة سكان المنطقة (35%)، كما تبلغ المشاريع بمنطقة «أم برمبيطة» عشرة مشاريع زراعية على مساحة (4.600) فدان ويمثل المزارعون نسبة (35%). محطة «العباسية تقلي» عدد المشاريع الزراعية بها ستة مشاريع على مساحة (11.876) فداناً ويبلغ عدد المزارعين 25% من جملة سكان المنطقة. كما أن عدد المشاريع بمنطقة «السميح» سبعة مشاريع على مساحة (22) ألف فدان ويزاول (30%) من جملة السكان زراعة القطن. بعد حل المؤسسة وإنشاء وحدة إنتاج القطن المطري تم تكوين (350) جمعية زراعية لإنتاج القطن المطري وتضم كل واحدة (100) مزارع إلا أن هذه الجمعيات تلاشت بعد قيام شركة أقطان جبال النوبة. ٭ المنشآت والبنيات التحتية: تمتلك المؤسسة أكثر من (100) منزل موزع على ولايات كردفان الثلاث شمال وجنوب وغرب، ويوجد بكادوقلي (43) منزلاً وبالدلنج (10) منازل ولقاوة (10) منازل وفي تلودي (11) وأبو جبيهة (18) منزلاً وأم برمبيطة (6) والعباسية تقلي (3) منازل والسميح (10) منازل وكلوقي (6) والدبيبات منزل واحد، كما توجد إستراحة لكل محطة تفتيش زراعي. أما المكاتب الرئيسية في كادوقلي حالياً شغلتها وزارة المالية - وزارة الزراعة - إدارة التخطيط، وتضم الرئاسة ورشة على مساحة تقدر ب (5) آلاف فدان بها قسم من العربات مزود بكل المعينات وورشة المعادن وهي خاصة بتصنيع قطع الغيار للمحالج وورشة النجارة وورشة للجرارات الزراعية، كما يوجد بكل محطة تفتيش ورشة صيانة للآلات الزراعية. أما المخازن يوجد مخزن بالدبيبات (4.200 م.م) كما يوجد بالدلنج مخزنان وعدد (5) مخازن بالسميح. أما كادوقلي فيبلغ عدد المخازن بها (7) كما يوجد بكل محطة تفتيش مخزن أو اثنان حسب الموقع وأهمية المحطة. كل هذه البنيات التحتية أصبحت «غنيمة» بولايات كردفان الثلاث، فيما استولت القوات النظامية على مواقع المحالج والمخازن في المحطات وحولتها إلى ثكنات عسكرية، فضلاً عن ذلك وبموجب قرار حل هيئة جبال النوبة الزراعية في 2012م استولت ولاية جنوب كردفان على عدد (24) جراراً زراعياً وعدد (20) دسك زراعي و(10) حاصدات كبيرة، إلى جانب عدد من الآليات والمعدات المختلفة. ٭ أثر المؤسسة الاجتماعي: يبلغ عدد العاملين بالمؤسسة من المدير حتى العامل (1.312) بخلاف أسرهم، هذه القوة الشرائية لديها تأثيرها في الأسواق المحلية برئاسة المؤسسة ومحطاتها المختلفة، حيث تعتمد هذه الأسواق على العاملين في تحريك عملية البيع والشراء اليومية، هذا بخلاف العمالة المؤقتة التي يبدأ عملها من ديسمبر حتى مايو وتقدر من (6 - 7) آلاف عامل في محطات المؤسسة ال (9). رغم كل الصعوبات التي كانت تواجه محصول القطن المطري إلا أنه يمثل محصولاً نقدياً مميزاً خاصة في ولاية جنوب كردفان، لأنه ملائم لظروف بيئة المنطقة ويتعامل معه قطاع عريض من صغار المزارعين كما توجد بنية أساسية لإنتاجه وحلجه فضلاً عن ذلك فإنه ساهم في عملية الاستقرار الاجتماعي بالمنطقة عبر مشاركة كل أفراد الأسرة في العمليات الزراعية المختلفة، كما أنه ظل يمنع الهجرة من الريف للمدن، لأن عملية زراعته ولقيطه حتى حلجه تحتاج لفترة زمنية طويلة تتطلب الاستقرار، كما أنه ظل يساهم في توسيع فرص العمالة للسكان هنالك، فضلاً عن ذلك فإن فرصة إقامة صناعات ذات علاقة بمكوناته كانت سانحة كصناعة الغزل - النسيج - الزيوت - صناعة الصابون وصناعة الأعلاف.