َ٭ كنت حريصاً أمس الأول على تلبية دعوة لمرافقة الوالي للوقوف على تجربة تشغيل «النقل النهري» كواحدة من وسائل المواصلات العامة التي يمكن أن تخفّض من أزمة «استحكمت حلقاتها» وظن الناس «أنها لن تفرج»!! ٭ جئت في الموعد المحدد ودخلت البص ووجدت السائق يجلس وحده.. وكعادة السودانيين جاءني إحساس بأنني اُعاقب في هذه اللحظة فالذي يأتي مبكراً يعاقب!! ٭ قلت لسائق البص: نازل أفتش لي اسكراتش» سألني: في محل قريب؟! قلت له: كل الشوارع مليانة!! ونزلت ونزل هو لذات الغرض!! تفرقنا وبعدها ذهبت لاتوضأ وأصلي الظهر. وعندما رجعت وجدت البص قد غادر ورجعت و«شوية زعلة معاي».. ومعها سؤال: هل وجد السائق اسكراتش أم لا ولماذا تم ينتظرني أو يفتقدي المسؤول عن الرحلة؟! ٭ المهم كنت أتمنى الوقوف على التجربة تدشيناً، وخصوصاً «العبد لله» له اهتمامات متواصلة بقصة المواصلات.. وقدمنا في السابق الكثير من المقترحات لحل الأزمة ومن بينها كيفية استغلال أنهار العاصمة الثلاثة و شواطئها الستة في الحل والاستفادة من النعمة الربانية التي وهبها الله لأهل الخرطوم.. وإضافة لحلها للمشكلة فإنها مصدر فائدة كبيرة لحركة السياحة والاستثمار في البلاد. ٭ النقل النهري ليس أمراً جديداً في السودان فقد عرف هذا اللون من المواصلات من قبل.. وكانت تسمى المركب والباخرة و«البوستة» و«بابور البحر» حتى جاءت التسمية «البايخة» الحالية والتي تسمى «مواعين».. ولا أعرف من أين جاء هذا القبح على اللغة العربية وهناك كثير من الألفاظ على شاكلة ذلك مثل يثمن وثمن و«جهوزية».. وهي عندي قبيحة إن كانت صحيحة لغوياً أم لا!! َ٭ وتحتفظ ذاكرة الأغاني السودانية بالعديد من الأغنيات التي تحكي روعة النقل النهري وتأثيره.. فمن منا لم تطربه رائعة أهلنا الشوايقة «آسيا بابورك في الأراك» «لإبراهيم ود الزومة».. وفي الحقيبة من «الأسكلا وحلا».. وإذا تغنى شعراء الشايقية للبابور وهم يتحدثون عن لوعة الفراق ومفردات الشوق فنحن على موعد مع قصائد جديدة عندما تغزو البصات النهرية المسطحات المائية فربما تسمع «يا رندة بابورك في المنشية» و«يا علا بابورك في الحتانة» ويا «سومه بابورك جنب القاعة»!! ٭ البصات النهرية مبشرة وواعدة ومطلوبة. ٭ القصة ليست رحلة نيلية حالمة بل أمامها الكثير من العقبات التي تحتاج لحل.. وربما يتسع المجال غداً للحديث عنها بإذن الله فكونوا معنا.