أسامة عبد الماجد : أبت الطائرة التي كان مقرراً لها أن تنقل والي وسط دارفور الشرتاي جعفر عبد الحكم والوفد المرافق له إلى حاضرة الولاية مدينة زالنجي إلا وأن تكرر مشهد مقارب لما حدث لواليي غرب كردفان وشرق دارفور بحر هذا الأسبوع، فالأول تعطل محرك الطائرة التي كانت تقلهم وعادت اأدراجها بينما الثاني تعطلت رحلته إلى مدينة الضعين لليوم الثاني... أما طائرة الشرتاي فقد استعصى إصلاحها مما تسبب في إلغاء رحلة الأمس،لكن الوالي جعفر تعامل مع الموقف كرجل إدارة أهلية ورفض تأجيل الرحلة مراعاة لأهله الذين احتشدوا لاستقباله في الميدان الأهلي بقلب مدينة زالنجي الملقبة ب«الدرة» دار «ديما»، وأمر جعفر على الفور بحجز مقاعد لبعض أعضاء وفده على الطائرة المتجهة إلى مدينة الجنينة بغرب دارفور، وكنت أحد المحظوظين الذين رافقوا الرجل بجانب القياديين أمين أمانة دارفور الكبرى بالوطني الضو عثمان الفكي وأمين دائرة وسط دارفور، وزير الدولة بمجلس الوزراء طارق توفيق وحرم الوالي د.أسينات عثمان أحمد. منذ تجمعنا في المطار صباح أمس الأربعاء وبعد أن تعذر قيام الرحلة تعامل الشرتاي بمسؤولية رجل إدارة أهلية قبل أن يكون رجل دولة حيث كنا آخر خمسة ركاب نحلق بطائرة تاركو، وركب الرجل مع غمار الناس في منتصف الطائرة وكل الوفد -بالتأكيد-حتى أن أحد أفراد طاقم الطائرة حاول أن ينقل الشرتاي جعفر لكابينة ال(via)،لكنه أصر ألاّ أن يغير مقعده.. هبطنا مطار الشهيد صبيرة بالجنينة وكان في استقبالنا الوالي الوالي د.خليل عبد الله، لم يضع الشرتاي وقتاً طويلاً ورفض أي ترتيبات ضيافة وتحركنا على الفور إلى «الدرة»،قطعنا الطريق البالغ طوله نحو (147) كلم وهو جزء من طريق الإنقاذ الغربي، والذي كانت تستغرق الرحلة نحو ثلاثة أيام في السابق. وعلى مشارف مدينة زالنجي كان الاستقبال الكبير للشرتاي وهناك تأكد لي لماذا جدد الرئيس الثقة في الرجل الذي حكم غرب دارفور قبل أن تخرج وسط دارفور من رحمها وعندما ولدت الأخيرة كان هو ثاني والي لها وطبيعي أن يحدث ذلك والرجل يحكم الولاية بطريقة مبتكرة وفريدة وقائمة على برلمان الشعب، حيث يجلس تحت شجرة ضخمة بمقر أمانة الحكومة وتبسط «بروش» يجلس عليها الجميع كل يوم أربعاء، ويفعل ذات الأمر وبذات التفاصيل بمنزله، حيث توجد شجرتان ضخمتان، ربما سخرهما الخالق للشرتاي ليخدم أهله الذين حملوه على الأعناق وقذفوه عالياً مثله ونجوم كرة القدم عندما يجلبون الفوز لفرقهم.. أما النجم الأهم من الشرتاي فكان الرئيس البشير والذي كال له مواطنو وسط دارفور المدح والثناء بأن أبقى على جعفر والياً بعد أن بسط السلام الاجتماعي وآخى بين مكونات الولاية بشكل لم يحدث في كل ولايات دارفور. كان الشرتاي محمولاً على الأعناق في وسط الميدان الأهلي بعد أن أصبحت »بذلته الأفرنجية» الرمادية اللون أقرب للون الأبيض جراء «رش» النساء له باللبن المخلوط بالدقيق وفعلن ذات الشيء مع حرمه د.أسينات والتي سارعت مشكورة لتفسر لي ما جرى وهو ما يسمى بلغة الفور «برا فوتا» ويعني اللبن الأبيض والمقصود بياض الضمير، وربما كان تعبيراً عن بياض قلوب قبائل الولاية ومكوناتها تجاه بعضها البعض، بل وحتى أحزابها السياسية وقد كانت رايات الحزب الاتحادي الأصل تزاحم رايات الوطني تحمل تبريكات وتهاني للشرتاي بتجديد الثقة فيه. ومع حالة الفرح وزغاريد النسوة، كان فنان صاحب صوت جميل يغني «الزول بفتخر بباهي بالعنده.. نحن سياد شهامة والكرم جندو ..الزول بفتخر بباهي بالشرتاي... جعفر عبد الحكم صاحب شهامة والكرم عنده» وغنى آخر «ألف مرحب بالشرتاي..ليه رافعين التمام...بيهو حققنا السلام..بيهو المرأة جسارة.. بيهو الطلاب منارة». أما الوالي جعفر فإن كلمته فصبت في اتجاه استكمال ما بدأه من مشروعات ضخمة هي الأولى من نوعها في الولاية، ويكفي أن زالنجي ستكون هي المدينة الأولى في السودان والتي سيتم «سفلتة» كل شوارعها بجانب عدد من المشروعات التنموية في شتى المجالات. لفت حديث معتمد زالنجي عبد الكريم حسين والذي قال نهنيء أنفسنا بثلاثة، الأولى أن الشرتاي نال ثقة الرئيس والثانية أحد ستة ولاة جدد فيهم البشير الثقة والأخيرة أنه ثالث ثلاثة فقط من الذين بقوا في ولاياتهم. وقد قال القيادي بالوطني الضو عثمان أن مجئ الشرتاي جعفر استكمال للنهضة وتعزيز للثقة فيه من رئيس الجمهورية والمؤتمر الوطني. وقال أيضا في خطابه «يا أهل وسط دارفور هنيئاً لكم بالشرتاي»، ولعلها عبارة بليغة مثلها وعبارة «أنت بخير.. نحن بخير» والتي قالها مواطن عند وصول الرئيس من جوهانسبرج.