قادت «سيجارة» شابين إلى حبل المشنقة، بعد أن أصدرت محكمة أم درمانجنوب برئاسة القاضي الأصم الطاهر الأصم في حقهما عقوبة الإعدام شنقاً حتى الموت قصاصاً، لقتلهما شاب عشيريني «وحيد لأسرته» وسط «6» بنات يعمل في بقالة لمساعدة والده، وسددا له طعنات بسكين وساطور أخرجت أحشاء بطنه بطريقة وحشية قاسية دون أن يشاهدهما أحد، لكن الشرطة والمباحث بفرعية أم درمان تمكنت من الوصول إلى المتهمين، واجتهدت المحكمة في كشف غموض الجريمة توصلاً إلى القرار العادل. ملخص الأحداث: بتاريخ 4/7/3102م وحوالي الساعة الثانية عشرة ليلاً تحرك المتهمون وعددهم أربعة من أبوسعد مربع «7» بعد مشاركتهم في حفل زواج، متجهين إلى منازلهم وفي طريقهم شاهدوا القتيل وهو يقوم بإغلاق «البقالة» التي يعمل بها بأبوسعد مربع «21» وتقدم إليه المتهم الأول وطلب منه «سيجارة»، لكن القتيل رفض وقال له أنا لا أبيع «سجائر»، ودار بينهم نقاش اتهمهم فيه المجني عليه «باللصوص»، وأن المتهم الأول استل سكيناً وسدد له طعنة أدت إلى تهتك شرايين البطن وخرجت أحشاؤه، وأن الثاني أشهر ساطوراً وأصابه في أجزاء متفرقة من جسده، وكان المتهمين الثالث والرابع على بعد من الدكان يشاهدان الحادث، ولاذوا جميعهم بالهروب وتركوه يسبح في دمائه. مجهودات الشرطة: تلقت الشرطة بلاغاً بالحادث وقامت باتخاذ الإجراءات الفنية والقانونية اللازمة ونقل المصاب إلى المستشفى وأجريت له عملية جراحية، لكنه توفي في اليوم الثاني وحسب تقرير التشريح أن الوفاة نتجت عن الجرح الطعني النافذ والنزيف الحاد بسبب الإصابة بنصل حاد يشبه السكين. وكثفت الشرطة من مجهوداتها وتم القبض على المتهمين وقدموا للمحاكمة الأول والثاني بمخالفة المواد «12/031» المتعلقة بالاشتراك في القتل العمد بالإضافة إلى المادة «87» للثاني للثالث والرابع المادة «701» التستر الجنائي. ووجهت لهما المحكمة الاتهام، ولم يقدم محامي الدفاع مرافعات ختامية تمهيداً لصياغة القرار. بينات الاتهام: البينات المقدمة أكدت أن الأول والثاني دخلا متجر المجني عليه مسرح الحادث وجاءت أقوالهما خلال التحريات بالإقرار وعضد ذلك إقرار المتهم الثاني ورجع عنه وعاد وأقر به مرة أخرى، كما ذكر المجني عليه أثناء احتضاره أن «4» شباب داهموه، واثنان منهما اعتديا عليه وآخران يراقبان من قرب. ولم يكن هناك شهود اتهام خلاف مجموعة الشباب الذين كانوا قادمين من الحفل، وذكر أحدهم الذي كان يرافقهم ليلة الحادث أنه في صباح اليوم الثاني أن المتهم الثاني قال للمتهم الأول «الزول الطعنتو أمس مات» ورد عليه المتهم الأول «ما يموت»، وجاءت رواية المتهم الأول أن المجني عليه حمل زجاجة لضربهما، وعلى ضوء ذلك اطمأنت المحكمة إلى أن المتهمين الأول والثاني قاما بقتل المجني عليه. الاستثناءات ومواقع الجريمة: قالت المحكمة إن المجني عليه كان أعزلاً وليس هناك خطر يواجه المتهمين من جانبه، لذلك لم يستفيدا من الدفوعات والاستثناءات الواردة التي تحول مادة الاتهام من القتل العمد إلى شبه العمد، ولم يكونا في حالة دفاع شرعي عن النفس ولم يتعرضا للاستفزاز الشديد من قبل المجني عليه كما لم تكن هنالك معركة مفاجئة، وتركا المجني عليه سابحاً في دمائه ولاذا بالهروب. وأضافت المحكمة أن المتهمين الثالث والرابع أخفيا معلومات مع علمهما بها، وجاء في إقرارهما بإنهما كانا مع المتهمين ويعلمان بأنها دخلا الدكان وطعنا صاحبه ولاذا بالهروب، لذلك جاءت إدانتهما فوق مرحلة الشك المعقول. النطق بالحكم: ولما أمر الشرع بالعفو أو الدية أو القصاص في جرائم القتل، خيّرت المحكمة أولياء دم القتيل والده ووالدته وتمسكا بالقصاص، فكان الحكم في مواجهة المدانين الأول والثاني بالإعدام شنقاً حتى الموت قصاصاً مع الجلد «04» جلدة حداً للمدان الثاني والسجن «5» سنوات للمدانين الثالث والرابع، بجانب فرض غرامة مالية قدره «5» آلاف لكل منهما أو السجن «6» أشهر في حالة عدم الدفع. خارج المحكمة: وقال ممثل الاتهام الأستاذ مبارك كمال الدين النور، متقدماً بالشكر لله أولاً ومن ثم لأفراد قسم شرطة أبوسعد شرق وعلى رأسهم رئيس القسم آنذاك عقيد شرطة عبد السلام عبدالله الزين والملازم محمد المجتبى ومهند والمساعد شرطة التاج، لبذلهم الجهد الكبير لفك طلاسم هذه القضية التي بدأت غامضة حيث أنها تمت في الليل ودون شهود، وأنهم استطاعوا بعون الله أن يصلوا إلى الجناة في زمن قياسي وتقديمهم للعدالة رغم طول فترة المحاكمة مما أدى لتشتت الشهود وتنقلهم من مكان لآخر، والوصول إلى الخبراء والأطباء الذين قاموا بتشريح الجثة. ومن جهته ذكر الأستاذ بابكر عبدالقادر ممثل الاتهام بالتضامن وممثل أولياء الدم أن هذه القضية كانت مدونة ضد مجهول وبذلت الشرطة مجهوداً كبيراً فيها مشكورين وقدم شكره لهيئة المحكمة، وقال إن القرار كان انتصاراً للحق والعدالة. رأي ذوي القتيل: قال والد القتيل أحمد عبد الباقي إن ابنه «محمد» خريج جامعي وحيد لدى اسرته وسط «6» بنات عمل بالبقالة لمساعدته في إعاشة أخواته، وشكر الأساتذة والقضاء السوداني الذي نصفه بالقرار العادل، وقدم أجزل الشكر لأفراد المباحث وللشرطة، وانضمت إليه والدة القتيل الرسالة أحمد الخليفة و تحمد الله على القرار مؤكدة تمسكهم بالقصاص.