عام وثمانية أشهر بالتمام والكمال هي عمر النائب الأول الفريق أول ركن بكري حسن صالح في منصب الرجل الثاني في الدولة، وهي فترة ليست بالقصيرة، ومع ذلك طيلة هذة المدة، ظل بكري في «خندق» الصمت ولم يخوض معركة مباشرة مع الإعلام، وإن شئنا الدقه لم يواجه خصوم الحكومة أو لم يتصدَ لمشاكل الدولة على أرض الإعلام، وظل في سنواته السابقة، وهو أكثر شخصية في الإنقاذ تولت أرفع وأهم المناصب بل و أكثرها حساسية «مدير الأمن، وزير داخلية، ثم الدفاع، وبعدها وزير رئاسة الجمهورية»، ظل متخفياً وراء نظارته السوداء، لكن بكري خرج بالأمس للعلن وعقد أول مؤتمر صحفي، والذي كان أقرب لجلسة نقاش، ولكنها كانت ساخنة، استخدم فيها البعض المدفعية الثقيلة وحاولوا نصب كمين للحكومة، إلا أن بكري وبخلفيته العسكرية حيث ينتسب لسلاح المظلات، طبق في المؤتمر الذي يعد أهم لقاء لمسؤول رفيع مع الإعلام في الآونة الأخيرة، ما تعلمه في سلاح المظلات و هو تنفيذ عمليات الاقتحام و الاستطلاع الجوي، فالمؤتمر الذي عقد بمجلس الوزراء تحت عنوان إصلاح الدولة كان بمثابة استطلاع وجس نبض، حيث تناول بكري نحو سبعة محاور، هي: إصلاح الخدمة المدنية، معاش الناس ، الحوار ، دور الإعلام وأهميته ، العلاقات الخارجية العربية، الفساد والمشاكل الآنية وعلى رأسها الكهرباء والتي هي ذات صلة بالمحور الأول. كان المؤتمر مخصصاً لإصلاح الدولة لكن النقاش شمل الكثير جداً من القضايا المذكورة أعلاه، حيث وجدها الحضور سانحة، كون اللقاء هو الأول لهم مع النائب الأول، الذي كان منضبطاً بشكل يفوق التوقعات، عندما دلف إلى القاعة قبل الموعد المضروب بدقيقتين وفتح شهية الجميع بتحلية وبشفافية وصراحة فوق المعدل مما جعل المؤتمر يستغرق ثلاث ساعات إلا خمس دقائق، كان نصيبه منها ساعتين والبقية لأسئلة ومقترحات الزملاء. من مهام الضابط المظلي العمل خلف خطوط العدو، بمعنى تدمير رئاسات العدو ومواصلاته وقطع الإمداد عنه، و العدو هنا يتمثل في حالة الخمول والكسل، التي عليها الخدمة المدنية الآن والتي أكد بكري أن إنفاذ الإصلاح في الدولة وتنفيذه بإصلاح الخدمة المدنية، مقراً بضرورة إعمال مبدأ العدالة والمساواة في الخدمة المدنية من تعيينات وترقيات، وكشف أن ما حدث من تعيينات في الفترة الماضية لنحو (16) وكيلاً وعدد من الأمناء العامين والمدراء يأتي في إطلاح التغيير والإصلاح، واستناداً على أن هناك قيادات كانت في حاجة لتغيير، وأخرى في مواقع غير مناسبة، وقطع بتمكين الوكلاء لتأدية مهامهم وقال: «الخدمة المدنية ح تستعدل»، وأشار إلى أن عدد كبير من القوانين والتشريعات في حاجة لمراجعة وتعديل. أيضاً من مهام الضابط المظلي الاستطلاع العميق والاستيلاء على مطارات الخصم، فقد عززها بكري من خلال استماعه لحديث ساخن من الحضور، وتحديداً في أمرين «الفساد وفطام الحزب الحاكم من الدولة». واستماع بكري للحديث مثل الرصاص كان بمثابة استطلاع حقيقي لرأي المواطن مما يمكن من الهبوط الآمن، ولعل ذلك ذو صله بأهمية ودور الإعلام الذي امتدحه النائب الأول وأمن على أهمية دوره كشريك أصيل في تحقيق الإصلاح رغم المخاشنة التي تحدث من جانب الحكومة مرة ومن جهاز الأمن مرة أخرى تجاه الإعلام- بحسب بكري - والذي أكد أن الإعلام هو المرآة العاكسة. صراحة بكري يؤكد أنه بالفعل ضابط مظلي يعمل على تعزيز القوات ووجود القوات الأرضية في المناطق الوعرة والتي يصعب الوصول إليها إلا بتدخل المظلات، وقد قبل التحدي وتواجد في أرض الصحفيين الوعرة حيث الهواء الساخن الذي خرج من صدور المتحدثين والذين بلغ عددهم ثمانية عشر زميل وزميلة، وللمفارقة أجاب النائب الأول على كل استفساراتهم فرداً فرداً، وعلق على كل مقترحاتهم ومداخلاتهم، بما فيها المتعلق بالفساد وقد قال بكري: «إذا سألنا أنفسنا هل يوجد فساد أم لا ؟ وأجاب بأنه موجود»، لكنه أشار إلى أنه يحتاج لإثبات، وربما يكون ظنياً، وقال: «إن قضية الفساد سوس يدمر البلاد وأخلاق الناس»، وذات الشفافية تحلى بها وهو يتحدث عن معاش الناس وقفة الملاح حيث قال «توجد معاناة في معاش الناس، ونريد لمعاش الناس أن تحدث فيه ترقية حقيقية». وقريباً من ذلك، تحدث باستفاضة عن خدمة الكهرباء، وقال نحتاج لعمل حقيقي في الكهرباء ونحتاج لزيادة موارد التوريد والتوزيع، وقطع بأن مشكلتي الكهرباء والخبز تحتاجان لإعادة نظر، و أقر بأن المتاح من الكهرباء لا يكفي الجميع. وتناول بكري ملف العلاقات الخارجية حيث أبدى اطمئنانه لتطور العلاقات مع الدول العربية وعلى رأسها السعودية، وأشار إلى تفعيل الاستثمار مع الدول الصديقة والشقية واهتمام الحكومة بذلك من خلال تحويلها مجلس الاستثمار إلى وزارة. ومهما يكن من أمر فإن النائب الأول من خلال المؤتمر كشف عن وجه جديد لشخصيته، وعن قدرات هائلة لم تكن معروفة لكثيرين فهو يعرف متى يهاجم ومتى يسالم ومتى يمتص غضب الطرف الآخر، وقد أشاع جواً من المرح رغم حرارة اللقاء وغضبة كثير من المتحدثين، وتحدث بعضهم بأسى عن الحال الراهن، وهو يقول على سبيل المثال «لو لا الذهب وذهاب الشباب للخلا ، الربيع العربي ماكان فاتنا» لكن الآن جاء ربيع عربي أقوى من ما حدث في ليبيا ومصر، ربيع إصلاح الدولة يقوده الرجل المظلي الحامي لظهر الرئيس