٭ في العام 1905م إكتشف الباحث البريطاني «سايرول كروسلاند»، أن هنالك تيارات بحرية تهب وتتجمع داخل خليج دنقنات الذي يقع علي بعد (120) كيلومترا شمال مدينة بورتسودان، وذلك بعد ملاحظته أن الكثير من الأشياء التي ترمي بها السفن في أعالي البحر تتجمع داخل الخليج، وكذلك ملاحظته لموت كثير من المحار علي ساحل دنقناب. أحضر(كروسلاند) مجموعة من (القنا) ووضعها بشكل متسلسل، ثم ربطها بالأسلاك من الجهتين، ووضع في أعلاها (بالونات) وفي أسفلها ثقل، ثم وضعها في مدخل الخليج في أشهر محددة من العام، وهي الأشهر التي يبيض فيها المحار في أعالي البحار، وعقب إنقضاء هذه الأشهر وجد أن بيض المحار قد إلتصق بال «قنا»، وسميت هذه العملية بعملية جمع صغار المحار، وهي الخطوة الأهم في عملية زراعة المحار، «تقابلها في الزراعة العادية عملية جمع التقاوي». ثم تليها بعد ذلك العمليات الأخرى إلى أن يتم استخراج اللؤلؤ، وحققت المزرعة نجاحا باهراً حتى وصل إنتاجها إلى (300) طن في العام، لكن تم اغلاقها في عام 1922م، بعد أن هبطت أسعار اللؤلؤة عالمياً. ٭ مستر «ريد».. في العام 1958م إستقدمت الحكومة خبيراً أسترالياً يعمل في منظمة الفاو ويدعي مستر «وليم ريد» وتعاقدت معه للعمل في وظيفة مفتش مصائد أسماك بمنطقة البحر الأحمر، ويعود له الفضل في نجاح تجربة زراعة الأصداف بمنطقة دنقناب، وعمل (مستر ريد) على إعادة فتح المشروع الذي حقق نجاحاً كبيراً للمرة الثانية، لكن تم إنهاء عقد عمله بالسودان عند قيام ثورة أكتوبر في العام 1964م، وفي العام 1968م تم توقيع إتفاقية تعاون بين السودان واليابان، تلتزم بموجبها حكومة السودان بتوفير المحار، علي أن يقوم اليابانيون بزراعة اللؤلؤ، وسار العمل بالمشروع حسب الخطة المرسومة، لكن في مارس من العام 1969م توقف المشروع بسبب الموت المفاجيء الذي بدأ يحدث للمحار، لأسباب مجهولة، وقد راجت تكهنات بوجود أيدي خارجية وراء الأمر، وتم إتهام الشركة اليابانية بالتسبب في موت المحار، وكذلك إتهام (مستر وليم ريد) بأنه يقف وراء ذلك. ٭ محاولات متواضعة .. جرت عقب ذلك ثلاث محاولات لإعادة إنتاج محار اللؤلؤ في خليج دنقناب، وأستمرت هذه المحاولات خلال ثلاث مراحل، الأولى: كانت بين عامي 1978م و 1985م وتم خلالها إجراء البحوث للبدائل، وتقنين الوسائل وتدريب عدد من الكوادر الفنية في كندا، أما المرحلة الثانية فقد كانت بين عامي 1985م و 1991م تم خلالها الإهتمام بتطبيق الحزم التقنية في مزارع نموذجية، المرحلة الثالثة والأخيرة بدأت في العام 1991م وأستمرت حتي مطلع الألفينات، تم خلالها الاهتمام بتعميم زراعة الأصداف على ساحل البحر الأحمر بعد أن تم تقصير فترة الاستزراع من 7 سنوات إلى 3 سنوات. ٭(600) طن في العام .. وتذهب دراسات متخصصة إلى أن العائدات من إنتاج محار اللؤلؤ يمكن أن تصل إلي 600 طن في العام، وتوقعت إدارة الأسماك والأحياء المائية بوزارة الثروة الحيوانية في تقارير سابقة أن يبلغ العائد من مشروع استزراع محار اللؤلؤ من البحر الأحمر 50 مليون دولار أمريكي في العام. الخبير والباحث في إستزراع المحار مصطفي سعيد الميرفابي، والذي يفتخر بعمله في منطقة دنقناب نهاية ستينيات القرن الماضي، أكد وجود قوى خارجية، لها أزرع داخل السودان تعمل علي تعطيل جميع مشاريع إنتاج محار اللؤلؤ من خليج دنقناب، وبدا واثقاً من حديثه حين قال « هنالك إستهداف واضح للسودان في مجال إنتاج اللؤلؤ «. وعن الإمكانيات التي يتطلبها الإستثمار في هذا القطاع قال الميرفابي إن دراسات قامت بها جامعة السودان المفتوحة في العام 2010م، أكدت أن المشروع يحتاج لتمويل بقيمة 537 ألف دولار أمريكي فقط.