امتلأت وسائل الإعلام السودانية هذه الأيام بأخبار المسؤولين وعلى أعلى مستوى وهم يتحدثون عن محاربة الفساد، والزام المؤسسات الحكومية التي تتقاضى أموالاً من الناس- «جبايات» بالإيصال الالكتروني بدلاً من الورقي القديم والتشديد على ذلك، ولكنني ورغماً من هذا الزخم وجدت مؤسسة مهمة وحيوية، تأخذ من المواطنين فلوساً دون اية إيصال مالي ألا وهي مطار الخرطوم عندما كنت في طريقي الى مدينة الفاشر لتغطية اجتماع اللجنة الأمنية لدارفور بدعوة من رئيس اللجنة د التجاني السيسي رئيس السلطة الاقليمية لدارفور، وبصحبة عدد من الزملاء والزميلات تفاجأت بموظفة شركة الطيران التي تسلم بطاقة الصعود للطائرة «بوردينق كارد» تطلب من كل مسافر مبلغ 20 جنيهاً كرسوم مغادرة، وعندما طلبت منها الإيصال المالي قالت ليس لديهم إيصال، وبسؤالي لماذا وجهتني بالاستفسار من إدارة المطار، إلا أنني لم أفعل ودفعت المبلغ، لكي أوثق لهذه المخالفة وأنشرها كخبر مؤكد حتى تتم معالجة الأمر من قبل الدولة.. عنصر المفاجأة في الموضوع أنني وقبل أكثر من عام ونصف دفعت الرسوم ذاتها دون إيصال مالي، وكتبت عن الموضوع في صحيفتنا المتوقفة (القرار)- رد الله غربتها- عن ذلك وشرحت كيف أن ذلك يعد مخالفة ومدعاة للفساد، لجهة أن الأموال التي يتم تحصيلها بدون إيصال لا تصل الى خزينة الدولة بالشكل المؤكد، وقد تدخل ضمن الأموال المجنبة.. ثم تساءلت لماذا تفرض رسوم كهذه أصلاً على أهلنا المواطنين المسافرين الى ولايات دارفور، الذين يدفعونا مبالغ ضخمة لشراء التذاكر، وأن جباية كهذه تزيد عليهم الأعباء والتكاليف أن تبقى جباية كهذه دون معالجة وحسم طيلة الفترة الماضية، ذلك يشير الى شيئين إما أن هذه المؤسسة التي تقف وراءها فوق المحاسبة ومحمية من جهات ماء أو أنها لا تصلها الرقابة والتفتيش، وإن كان الأول صحيحاً فتلك مصيبة، وان كان الثاني أصح فالمصيبة أكبر، إذا هناك حاجة ماسة لاجراء مراجعات لهذه المؤسسة وبشفافية تامة، ومعرفة المكان الذي ذهبت اليه أموال المواطنين طيلة هذه الفترة، وليس المطلوب وقف الجباية فحسب، لأن عدد المسافرين يومياً الى المدن المختلفة كبير، وإذا ضربته في عشرين جنيهاً ثم في عدد الأيام التي استمرت فيها المخالفة، فإن المبلغ سيكون ضخماً.