٭ بقليل من الملاحظة، تكتشف أن كل حديث يدلي به «هؤلاء» في حق بعضهم البعض، يحتوي على الكثير من الكيد.. وفي ثناياه المكائد، وتتكشّف الأُكذوبة، إذ لم يكن ما حدث لنا في السودان، بعثاً أو تجديداً للدين.. لم يكن إنقاذاً ولا غير ذلك، ولا نحوه .. الأمر لم يكن سوى»وثبة»..! فنحن لم نفرغ من تفكيك القنابل التي رمى بها قطبي المهدي وإخوته في التنظيم، حتى ظهر في الكفر على صفحات جريدة الوطن، الشيخ حسن مكي، ليتحدّث عن تجربة الاسلاميين في حكم السودان، كأنه لم يكن جزءاً من دمائها ..! فهو يتحدّث، كما لو أنه من كوكب آخر، أو جزيرة أخرى لا علاقة لها ب «فرسان الكمين»..يخرج حسن مكي من القاع محللاً استراتيجياً ، فيؤكد أن «المشكلة هي أن بعض الناس يسقطون خطابهم الديني على الآخرين»..! أو يقول لك إن «الخطاب الديني للشباب قائم على قاعدة «أمسِك لي، واقطع ليك»..! ولا يرى حسن مكي في ذلك تناقضاً بين قوله وفعله، فمنذ زمن بعيد كان «كار» حركته الاسلامية عبارة عن جبّانة هايصة، ومن الطبيعي إذن أن تعقد تحالفاً مع التيار السلفي، ومن الطبيعي أيضاً أن تكون داعش - على حد وصفه - «مزاوجة بين التيار السلفي وأفكار الأخوان المسلمين».. ٭ ومع أن حسن مكي يلوّح كثيراً، بأنه انسلَّ خارجاً عن تلك الحركة، إلّا أنه لم يزل يبشِّر بمجاهديها من فتيان وفتيات داعش، الذين يتسللون لواذاً إلى الشام، فيؤكد أنهم مؤهلون لحكم السودان، و»إذا قدر لهم العودة سيقودون هذا البلد»..! وعلى أقل تقدير يقول حسن مكي إن الشباب الذين ذهبوا لداعش، سيكونون جزءاً من المكون السياسي مستقبلاً، سواء في المعارضة أو الحكم، وأن الدعشنة موجودة داخل السودان لكن صوتها مخنوق.. ويضرب مثلاً لأفاعيلها بمقتل قرانفيل، و لخلاياها النائمة، بمجموعة الدندر والخليفي.. وهذا طبعاً من باب التهديد الخفي: « إيأّك أعني، فاسمعي يا جارة»..! ٭ وينتقد حسن مكي دعايته التي جاهد فيها طوال عمره التنظيمي قائلاً: «حينما تقول إن الإسلام هو الحل، فإنك تسقط حلولك على الواقع وتعطيها صفة كهنوتية... وأنت حينما تسقط تدينك على الآخر، وتضفي عليه طابع القداسة، فهذا يكون دجلاً مثل حكاية الودّاعية»، بل إن للوداعية بعضاً من الحياء، فهي لا تفرض عليك رؤيتها بقوة القانون، أمّا الدجل الديني السياسي فهو يفرض عليك ذلك بالقانون، سواء أطلقنا على ذلك «محاكم شريعة أو عدالة ناجزة»..! ٭ ويسترسل حسن مكي على مهله في الكلام ، فيكيل صفعة للسلفيين، بأنهم «يعتقدون أن الشخص يمكن أن يتغطى بالبطانية ليلاً ، ويصبح سلفياً».. وينفي بنصف اغماءة حكاية أن الترابي هو أذكى من مشى على الأرض، فيغمزه : « والله ، الترابي لم يقدِّم لنا نظرية نيوتن، ولا نسبية انشتاين، بل كان هامشياً، في بلدٍ هامشي»..! وأوشك شيخ حسن ، أن يقول عن شيخ حسن الكبير» الترابي»، إنه لم يقدِّم شيئاً ل «حركة الإسلام»..! يا شيخ حرام عليك.. نحن نشهد أنه قدم لكم فرصاً نادرة.. قدّم لكم التأهيل والدراسة تحت عهدته التنظيمية وعلى حساب الشعب السوداني..! قدّم لكم بلدنا الجميل كله في الوعاء الانقلابي..! و ما شأنه بك إن تبدلت قناعاتك التنظيمية، فأصبحت لا ترى «علمانية انشتين و نيوتن كفراً بواحاً»..!؟ ٭ أيّها الحداثي التائه..الأستاذ محمود محمد طه لم يقل أنه حداثوي، وإنّما أشار إلى أن ثقافة العصر هي مناخ الانتاج الفكري لدى كل مفكِّر، وكل مفسِّر..لم يقل أنه مجدد، بل دعا إلى فهم جديد للنص .. دعا إلى الإنتقال من نص خدم غرضه، إلى نص آخر داخل القرآن هو حظ البشرية الحاضرة.... فإلى متى تتخندق وترسل تهاويماً أقرب الى»تأوّهات الحيارى، في مناديل العذارى»..؟