استفزني صراحة ما قاله بعض نواب البرلمان مؤخراً من أن الشعب هو سبب الفقر وتردي الأوضاع الاقتصادية.. استفزني كثيراً لأننا مع تحملنا لأوضاع الحياة المعيشية الصعبة القاسية.. يجب علينا أن نتحمل تصريحات وأقوال فيها من الاستفزاز ما يكفي لرفع ضغط الدم ويدفع إلى التوتر.. كيف يكون الشعب سبباً في الفقر وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بأي فهم وأي معنى؟ يخرج أفراد الأسرة أي أسرة.. كل يوم.. جميعهم يخرجون إلى أعمالهم.. بل يعمل البعض منهم في دوامين ويعودون مرهقين مشتتي الأفكار وكل هذا التعب والإرهاق وعمل أفراد معظم الأسر في دوامين لا يكفي لسد الاحتياجات الضرورية الأكل والشرب ومصاريف المدارس والكهرباء والمياه والإيجار والمصاريف الطارئة كالعلاج والالتزامات الاجتماعية المختلفة.. ضف إلى ذلك الديون وهي ديون ثابتة ومتحركة.. وبعد كل هذا كيف يكونوا السبب في ما يحيط بهم من فقر وتردٍ للأوضاع الاقتصادية؟.. هل يرضى عاقل أن يكون سبباً في فقره وحرمانه وتردي الأوضاع الاقتصادية من حوله وفي حياته؟.. هل سترحمه الحياة ومتطلباتها عندما يكون سلبياً في مواجهتها؟.. لا أقول إن هؤلاء النواب أخطأوا في ما قالوه.. بل بالغوا فيه وهم بكل تأكيد لا يعانون مثل ما نعاني.. فهم لهم مرتباتهم الجيدة ومخصصاتهم وحوافزهم وامتيازاتهم التي تمنحهم مقدرة مواجهة أعباء الحياة ومتطلباتها بسهولة وارتياح.. لا أعتقد أن فيهم من تم توجيه إنذار لأبنائه بتسديد قسط من رسوم الدراسة أو الطرد.. ولا فيهم من اكتفى بوجبة أو وجبتين طوال يوم مرغماً.. ولا فيهم من وقف في طابور ليشتري كهرباء بخمسة أو عشرة جنيهات ولا فيهم الذي جلس حزيناً يتأمل فاتورة علاج متألماً مقهوراً لأنه لا يملك قيمة الدواء المكتوب فيها و...الخ. كان على هؤلاء النواب قبل أن يتحفوننا بما قالوه من حديث يفتقد الصواب والمنطق.. كان عليهم أن يقدروا المعاناة المريرة التي يعيش في جحيم عذابها الناس والصراع اليومي الرهيب مع متطلبات حياتهم واحتياجاتها وتكاليفها الباهظة التي تؤرق المضاجع وأصبحت فوق الاحتمال وأضحت لها تبعاتها الاجتماعية التي لم تعد تخفى على أحد. ٭ سوسنة يا وطن عز الحريق لك الله.