٭ ما أن تتجه الحكومة للشروع في إقامة سد فى أي منطقة من مناطق البلاد الإ وتظهر حالة من ردود الأفعال المناهضة لذلك الإتجاه، فالتوجه الذي قادته الحكومة مؤخراً، وتوقيعها على اتفاقيات تمويل مشاريع من السعودية لبناء سدود كجبار والشريك قوبلت برفض من أبناء المنطقة، وحتى بعض الأحزاب المعارضة سواء المسلحة أو المدنية، وفي مقدمتها الحركة الشعبية قطاع الشمال وحزب المؤتمر السوداني رمت بسهمها فى القضية، حينما تبارت لإصدار بيانات ترفض تلك الإتفاقات، ذلك الرفض لإقامة السدود لم يكن الأول ولن يكون الأخير بإعتبار أن الأمر سبقته مناهضة عنيفة لقيام سد مروي، وتهجير أبناء تلك المناطق ونقلهم إلى مناطق أخرى. ٭ خيانة عظمى المعارضة أدلت بدلوها فى القضية حينما أعلنت على لسان الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال ياسر عرمان عن رفضها لخطوة بناء سدود الشريك ودال في شمال السودان، واعتبرت قيام هذه السدود يأتي ضد رغبة المواطنين المحليين، ودعت الحركة المملكة العربية السعودية إلى عدم تمويل بناء هذه السدود، لكن سرعان ما تدخل الحزب الحاكم المؤتمر الوطني ليخمد النيران التي كان عرمان ينوي إشعالها، حينما قطع نائب رئيس الحزب إبراهيم محمود بأن قيام السدود لن يؤدي إلى تهجير مواطني تلك المناطق، محمود ذهب أكثر من ذلك، حينما وصف مطالب عرمان للسعودية بعدم تمويل السدود بأنها خيانة عظمى، واعتبر تلك الأحاديث بأنها تغريد خارج السرب. اتحاد مناطق سد الشريك أكد رفضهم للإتفاق الذي وقعه السودان والسعودية لتمويل سدود (دال وكجبار والشريك)، الاتحاد لم يكتف بالرفض بل مضى إلى أبعد من ذلك حينما تعهد بالتصدي لقيام سد الشريك.ويرى مراقبون سياسيون بأن قيام السدود في هذه المرحلة التي تشهد خطوات مقبلة نحو مشروع الحوار والتوافق السياسي لكافة المكونات السياسية يمثل انتصاراً للسياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومة في الفترة السابقة، ويرون بأن أهميتها تاتي من خلال حيويتها كمشاريع قومية لا تقبل المزايدة السياسية حيالها، لكن يبقى السؤال: هل ستحقق هذه السدود الفائدة المتوقعة منها دون أن تتسبب في تهجير المواطنين المحليين؟ ٭ مزايدة سياسية القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي قال ل (آخر لحظة) إن استغلال قضية بناء السدود من قبل البعض للمزايدة السياسية يمثل نهجاً مرفوضاً من قبلهم، لأنه نهج يفتقر للموضوعية، وبه تجنٍ سياسي واضح علي حقوق البسطاء من الأهالي المحليين القانطين بقرب المناطق المقترحة لقيام هذه السدود، مشيراً إلى أن تحويل القضية وإفراغها من مضمونها الاقتصادي إلى مضمون سياسي يؤدي إلى تعطيل التنمية الموعودة بهذه المناطق، لأن المضمون السياسي من مناهضة قيام هذه السدود يفرق ولايجمع. بالمقابل يرى الخبير الاقتصادي حسن ساتي بان تحويل ملفات السدود من طاولة الاقتصاديين إلى مناظرات بين السياسيين من شأنه أن يلقي بظلال سالبة على الدفع قدماً بعجلة الاقتصاد إلى عدم النهوض من سباتها العميق، وقال في حديث ل (آخرلحظة) بأن قيام هذه السدود سيساهم في قيام مشاريع ضخمة مماثلة لمشروع الجزيرة تقدر مساحتها بأكثر من مليوني فدان، فضلاً عن تغذيته للهيئة القومية للكهرباء بكهرباء مماثلة للتي تتولد من خزان سنار. ٭ تجيير الإتفاقيات وبحسب خبير في دراسات تنفيذ السدود فضل حجب اسمه قال إن فكرة مشروع سد كجبار بدأت منذ منتصف تسعينات القرن الماضي، وبدأت باقتراح من المدير السابق للهيئة القومية للكهرباء الراحل المهندس محمود شريف، بعمل توربينات عائمة على الشلال الثالث في الولاية الشمالية على بعد (111) كلم شمال مدينة دنقلا، وكان الهدف من المشروع المقترح هو الاستفادة من الطاقة الكهربائية المولدة بطاقة (11) ميقاوات لكهربة المشاريع الزراعية في المنطقة الممتدة من القرير إلى أرقو، إلا أنه وفي تطور لاحق قررت الحكومة في عام 1995م تحويل الفكرة من مشروع لبناء سد صغير إلى مشروع لبناء سد كبير لتوليد (210) ميقاوات من الكهرباء، حسبما جاء في المعلومات التي تسربت حينها رغم التكتم الشديد على الموضوع. فى المنحى ذاته يرى المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر بأن إبرام الاتفاقيات الاقتصادية التي من شأنها أن تؤدي إلى تحريك عجلة الاقتصاد علي الصعيد المحلي، فقيام السدود هو أمر لا غضاضة عليه، لكن أن يتم تجيير هذه الاتفاقيات لصالح المؤتمر الوطني عبر واجهات اقتصادية كشركاء مقاولين من الداخل في عمليات تشييد هذه السدود، سيفتح الباب موارباً للمشككين والمنادين بأن الحزب الحاكم مايزال يسير وفق سياسة التمكين، وفي الاتجاه الآخر على السياسيين عدم تحريض المواطنين المحليين على مناهضة بناء هذه السدود بمناطقهم.