ü في الثاني عشر من ذي الحجة ثاني أيام التشريق ثالث أيام النحر كنت على موعد بدائرة السيد العجيمي بالبرصة بالمديرية الشمالية ولا أقول الولاية «تيمناً» بذلك الاسم القديم.. والمناسبة الذكرى التاسعة لشيخ الطريقة ومرشدها العارف بالله الدال عليه السيّد نور الدائم رضي الله عنه وأرضاه.. فقد رحل بعد عمر حافل بجلائل الأعمال عصر يوم النحر الموافق يوم الجمعة 22 / 2 / 2002م فلا التاريخ ينسى ولا ذكراه السنوية المرتبطة بيوم النحر.. في زول بينسى عيد الضحية» وكذلك ذكراه طيب الله ثراه.. والمناسبة. تجمع أبناء الطريقة من شتى أنحاء بلادنا ومن خارجها.. ويشتمل الحفل على مناشط عدة من أبرزها زواج النور الجماعي والخدمات المتعددة لأهل المنطقة والمناطق المجاورة في مجالات الصحة والتعليم ومياه الشرب النقية والزراعة والري وغيرها، ويحتشد لحضور المناسبة الكثير من المسؤولين في مستويات الحكم المختلفة من أبناء المنطقة والمُريدين والذاكرين الله كثيراً والذاكرات.. فالعجيمية تستند على الكتاب والسنة وتعطي المرأة قدرها بحقها ومستحقها.. «لا إله إلا الله الفرد الصمد عدد ما أحاطه علم الواحد الأحد» ü وفي رحاب هذه الذكرى الطيبة التقيت عدداً من القيادات والشخصيات وأولهم والي الولاية الشمالية المُنتخب الأستاذ فتحي خليل والذي فقد لقب «المحامي» وقد كان بارعاً وناجحاً في مهنته التي اعتلى أعلى مقاعدها سنين عدداً.. واكتسب لقب الوالي «الذي ناء بكلكله على شخصيته المعتدلة وخلقه القويم وروحه الشفيفة وإيمانه العميق وإحساسه المفرط بتطبيق العدل فالعدل أساس الحكم».. لكن السياسة بوجهها المتلون لا تركن كثيراً إلى قيم العدل.. ومن هنا بدأت معاناة والي الولاية الشمالية المُنتخب والذي ورث ولاية مثقلة بالديون.. مفتقرة للموارد الحقيقية التي ترفد خزانتها وتسيير ميزانيتها قال الوالي «إنه ظل طيلة حياته يتعوّذ من غلبة الدين وقهر الرجال» فوجدهما معاً في منصب الوالي بالولاية الشمالية ويضحك ضحكته الصافية وفي براءة الأطفال ولولا تلك الضحكة العذبة لظننت أن تتسلل روحه الخفيفة من بين أضلاعه. ü الوالي ما بيصرف أي قرش على العمل السياسي مع أنه رئيس المؤتمر الوطني يقول السياسيون من حزبه.. - الوالي بيدينا أقل من عشرة بالمائة من ميزانيتنا المجازة .. يقول التنفيذيون في حكومته.. - الوالي ما بيصرف أي شيء على التنمية يقول المستثمرون في ولايته.. - الوالي شكّل حكومته من ذوي الورع الذين لا يفقهون كثير شيء من السياسة ودهاليزها.. والإدارة وتعاريجها يقول المراقبون.. - والوالي يستمع لكل هذا ويُريد أن يدير حكمه بالشفافية والعدالة.. ويريد أن يسدد المديونية الهائلة التي ورثها قبل أن يشرع في الصرف على أي مشروع جديد.. والناس يقولون في دين كتلو له زول؟ وهؤلاء من أتباع الشعار الشهير «الدين في الكتوف والأصل معروف» اعتقد أنه شعار لا بأس به والوالي عندما يأتي للمركز يقال له «أوعك تتكلم فالولاية الشمالية أخذت حقها في التنمية بالزايد شويه» ويقول الواقع إن ما يقوله المركز «صحيح» فهناك طرق وجسور ومطار ومستشفيات وشوية كهرباء!! إذ إن الزراعة هناك لا تزال تروى بالطلمبات التي تستخدم الجازولين.. ولم تستفد الولاية من كهرباء السد إلا في الإنارة!! ولم تستفد من الطرق إلا في التواصل الاجتماعي «العقودات والبكيات»!! ولم تستفد من المطار إذ لا طائرات للركاب ولا للبضائع!! ولن تستفيد من المستشفيات بدون اختصاصيين ومعدات طبية حديثة!! وليس هناك مال لزيادة الإنتاج والإنتاجية!! وليست هناك مشروعات استثمارية حديثة لأن الولاية لا تدفع ما عليها!! والمواطن يرى ويسمع ويعاني لكنه حامد شاكر صابر» اللهم إنّا نعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال.. ü كانت رحلتنا ممتعة برغم هذه الشكايات فأهلنا ماسكين حبل الصبر» وعقدهم ماني وقد كانت ترويحات دائرة العجيمي توحي بالفرج.. وقد تحدث المعتصم العجيمي حديث العارف وفي ثنايا حديثه شكراً جزيلاً للسيّد الرئيس ولنائبه وللوالي ولصلاح قوش ومصطفى عثمان وكمال عبيد... ومن بشريات خطابه قيام كلية العجيمي للقرآن الكريم والدراسات الإسلامية بمروي. وكان هناك ملتقى للمرأة وكلام كثير عن الخدمات الطبية يقوده الدكتور فتح الرحمن القاضي يسانده وزير صحة الولاية د. حسن الشيخ الداعية.. وكان هناك المادح أحمد الخضر الذي شنّف الآذان بقصيدة الزمخشري «تماضر» ذلك العوسج الأعرج الذي لولاه لظل القرآن بكراً فجاءت مفاتحه في «الكشاف» ومن يتماهي في ذلك الجو الروحي يحس بأن الشمالية ما عندها مشكلة إن شاء الله فالصبر مفتاح الفرج وكانت هناك قناة النيل الأزرق بقيادة المخرج صلاح أوندي والأستاذة سهيلة والقناة السودانية كانت هناك والطاهر حسن التوم.. لكن نوّارة اللقاء كان وفد الختمية وممثل السيد محمد عثمان الميرغني الشيخ الشاب نزار الخطيب المفوّه والخليفة عبدالمجيد ووفده الكبير فما بين الختمية والعجيمية أواصر لا تنفصم عراها.. وكانت حكومة الولاية حاضرة وعلى أعلى المستويات وإليها وكل وزرائها يستسقى بوجههم الغمام.. لكن الحكيم يحتاج منهم لما هو أكثر من حسن السيرة والسريرة. ü عندما كان المرحوم اللواء الركن طيار باب الله بريمة والياً لولاية جنوب كردفان توقف موكبه في «قهوة» على طريق الدبيبات الدلنج كادوقلي فاقترب منه أحد شيوخ العرب سائلاً.. أنت السيد الوالي؟ فأجابه المرحوم «نعم» فقال الأعرابي:- «يا ولدي مالك ضلول كدي» أنت الحكم ما تعرفا!! زي جيتك دي الواطة تنملي عربات وعساكر وصفافير.. إنت تجي وحيدك؟ فضحك المرحوم باب الله فقد كان يرحمه الله بسيطاً متواضعاً لا يضم موكبه سوى العربة الوحيدة التي يستقلها هو ومرافقوه «ضلول يعني مسكين وهادي». وهذا هو المفروض