يبدو أن الصرامة التي تعاملت بها الحكومة عند اطلاق مشروع الإيصال الإلكتروني قد تلاشت ولم تعد الرقابة بمثل ماهي عليه، وإلا لما بقيت الجبايات غير القانونية في مطار الخرطوم، وتحديداً صالة السفريات الداخلية باقية لأشهر منذ التاريخ الذي نبهنا فيه لوجودها، إذ أنني وحتى أيام قريبة دفعت مبلغ 20 جنيهاً كرسوم مغادرة الى الفاشر، وكذلك الى نيالا، دون أن استلم إيصالاً مالياً الكترونياً أو ورقياً.. سألت الموظفة التابعة لشركة الطيران في المطار، هل لديك إيصال مالي؟ فقالت: لا.. وسألتها ماهي الجهة التي فرضت الرسوم؟ فقالت لى الطيران المدني، وهذه الأموال تذهب لهم منا، ثم طلبت مني أن استفسر مدير الصالة التي هي صالة الحج والعمرة، ولما ذهبت إليه وسألته دون أن أقول له إني صحفي قال لي إنهم يستخرجون إيصالاً مالياً لكل مائة تذكرة هكذا ببساطة، لم استرسل معه وذهبت، وأنا أتساءل في نفسي إذا كان حقاً مايقول، فمن الذي يسلم هذا الإيصال من الركاب ال 100 إذا كان هذا استغفالا هذه لم تكن المرة الأولى التي أدفع فيها ال 20 جنيهاً، فقد دفعتها قبل أشهر عندما ذهبت للفاشر، وكتبت في الموضوع، ولكن دون جدوى، نعم المبلغ بسيط لكن من يضمن أنه سيذهب لخزينة الدولة لينفع البلاد والعباد، ثم لماذا يفرض على المواطن ونحن نعلم أن غالبية أهل دارفور يحتاجون للدعم لنخفف عنهم آثار الحرب التي لحقت بهم، وتضرروا منها بشكل أو بآخر، وإذا كان المبلغ لا يعني للكثيرين شيئاً فإنها تطعم مواطناً هناك، وأقل مايمكن أن يشتريه بها «نصف كيلو» من لحم الضأن. لا أتوقع أن يكون التعامل مع المؤسسات في موضوع الإيصال الالكتروني يتم بفهم «الخيار والفقوس» ولكن ربما هنالك أولويات أكبر تحتاج لحسم أو أن الرقابة لم تفرض بالشكل الكامل، وعلى كل حال فإن ماتم من حسم لمؤسسات كثيرة يجعلنا نتفاءل بأنه لا كبير على هذا المشروع الذي سيضاعف العائدات، ويقلل الفساد، ونتوقع أن تتم معالجات بأسرع ما يمكن، لأن أي تأخير ساعة أو يوم في ملف كهذا يجعل الباب مفتوحاً أمام إرهاصات الخلل المالي.