الى وقت قريب لم تكن هناك وسيلة للترحيل سوى (التاكسي)، وحتى هذه الوسيلة كان روادها من الموظفين أو المقتدرين مالياً... لأن (الطرحة)- هكذا تداول هذا الاسم وسط سائقي التاكسي- أو أصحاب الحظوة من الميسورين، ومملكة التاكسي انهارت بعد ظهور(الأمجاد).. وتوالت مسميات وسائل الترحيل في الآونة الأخيرة لتظهر مملكة جديدة اسمها (الرقشة).. تلك المملكة باتت مصدراً لرزق الكثيرين.. وباتت أيضاً هاجساً أمنياً لرجال الشرطة. معظم سائقي الرقشات في الفئات العمرية من ( 18 الى 30 عاماً)- أي من الشباب- وقليل جداً ما ترى رقشة يقودها رجل فوق الأربعين. عالم الرقشات عالم غريب نوعاً ما... وما يُكتب على ظهرها يدعو للعجب ..(آخر لحظة) تجولت بعض الرقشات وسائقيها ووقفت على بعض العبارات المكتوبة على ظهرها - (نفسي اقطع الكوبري)؟ واحدة من تلك التعابير... وهي أُمنية لصاحب الرقشة بأن يأتي يوم تسمح فيه السلطات بمرورها في كباري الخرطوم، معتقداً أن التنقل بين تلك الكبارى يزيد من دخله اليومي، وبالتالي يزيد مكسبه إن كان (جوكيا)، والجوكي مقولة منتشرة وسط سائقي الرقشات يقصد بها من يقود ركشة وهي ليست ملكه. ومن العبارات التي لفتت أنظارنا (أنا حايم والجلابي نايم)، و(يا ريتني كان قريت) وغيرها، ولكن أكثر ما لفت نظرنا هو هذه العبارة. - (يوجد سباك داخل الرقشة) وأكثر ما لفت نظرنا عبارة (يوجد سباك داخل الرقشة)، اقتربنا من سائقها وهو شاب في اواخر العشرينيات.. قلنا له هل أنت سباك حقيقة، أم أن الأمر لا يخرج من كونها عبارة راقت لك ؟ فأجابنا: أنا خريج المعهد الفني قسم السباكة.. ولكن مهنة السباكة لم تعد مصدراً للدخل كما كانت من قبل... اتجهتُ لقيادة الرقشات وحتى لا أنسى مهنتي كتبت على ظهر الرقشة (يوجد سباك داخل الرقشة)، والحمد لله أمارس المهنتين و(الأمور ماشة). ودعنا بابتسامة وهو يقول: (ما تقطعوا رزقنا، جاني مشوار فيهو قروش كويسة.. ودعنا وغادر.