ما زالت تصريحات وزير المالية بدر الدين محمود التي أدلى بها أمام البرلمان عقب إجازة موازنة العام الحالي عالقة بالأذهان، حديث الوزيرة المعسول أو البشريات التي أطلقها بأن الموازنة جاءت خالية من أي زيادات أوأعباء إضافية على المواطن، وإنها منحازة لمعاش الناس بدأت تتبدد وتذهب أدراج الرياح، حيث لم تمضِ بضعة أسابيع على إجازة الموازنة ودون أي مقدمات خرجت الحكومة بقرار صادم كان بمثابة قلب الطاولة في وجه المواطنين عندما قررت زيادة أسعار الغاز، «آخر لحظة» أجرت استطلاعاً موسعاً حول الزيادات فخرجت بهذه الحصيلة: جولة : زكية - الكباشي - أسماء - نفيسة مخاوف اتحاد عمال ولاية الخرطوم أكد رفضه القاطع لزيادة أسعار الغاز التي بلغت بنسبتها (300%)، وقال إنها غير مبررة وستضيف عبئاً على كاهل العاملين ذوي الدخول الضعيفة. واستنكر أمين علاقات العمل بالاتحاد آدم فضل الزيادة، وقال إنها جاءت في وقت تشهد فيه أسعار البترول انخفاضاً كبيراً، حيث وصل سعر البرميل إلى(25) دولار، مشيراً إلى أن الزيادة ستؤدي لارتفاع سلعة الخبز متوقعاً أن يقفز سعر الرغيفة إلى جنيه على الرغم من صغر حجمها. وقال إن الحد الأدني للأجور سوف لن يغطي تكلفة سعر أسطوانتين من الغاز، مشيراً لتقرير منظمة الفاو القاضي بانخفاض أسعار الغذاء بصوره كبيرة ومن ضمنها المواد البترولية، مردفاً أن القرار غير موفق، ولم يراعِ متخذو القرار قطاع العاملين. وفي ذات الوقت أكد الأمين العام لاتحاد المخابز بدر الدين الجلال عدم إخطارهم بأي زيادة في أسعار الغاز، وقال إذا جاءت الزيادة من غير دعم فلاشك سترتفع أسعار الخبز، وتمنى الجلال أن تتم معالجات لسلعة الغاز مراعاة للمواطن. تحقيق الوفرة: وبالمقابل قال رئيس اتحاد وكلاء الغاز بالخرطوم الصادق الطيب إن الزيادة تضبط التفلت في أسعار الغاز بالأسواق، بجانب تحقيق الوفرة في المنتج، وذلك بتمكين المؤسسة السودانية من توفير كميات لسد العجز الذي أدى لارتفاع الأسعار. مشيراً إلى أن الزيادة تشمل جميع القطاعات، كاشفاً عن استهلاك الولاية لما يقارب (700) طن من الغاز يومياً. مضيفاً أن التضارب في الأسعار ناتج عن تكلفة الترحيل من أماكن تواجد الغاز إلى المنازل والمحلات والتجار. رفض الزيادة: ويقول أحد وكلاء الشركات العاملة في المجال أحمد عبد الله أحمد إن زيادة سعر الغاز ستؤثر على عملهم لأن كثيراً من المواطنيين أحجموا عن الشراء لارتفاع سعر السلعة، خاصة اصحاب المحلات الصغيرة والأكشاك وبائعات الشاي واتجهوا للفحم كبديل للغاز، وأشار في تصريح ل«آخرلحظة» إلى أن السلعة متوفرة، ولكن الوكلاء أحجموا عن البيع لحين تنفيذ التسعيرة الجديدة، وأضاف حتى الآن لم يصلنا منشور رسمي بالزيادة وعلمنا بها من الصحف، وقال نحن كموزعين نرفض الزيادة وأنها ستعيق عملنا إن لم توقفه بالمرة، وقال سنحجم عن العمل حتى تتم معالجة الأمر زيادات أخرى: بابكر الشاذلي بشير، وكيل شركة قادرة، قال للصحيفة إن آخر مرة استلموا فيها غاز كانت في أول الأسبوع وحتى الآن لم يستلموا أي كمية بالرغم أنه من المفترض أن يستلموا حصتهم صباح أمس، وقال في السابق كنا نستلم ثلاث حصص في الأسبوع، وأشار إلى تضررهم من نقص الكميات مما يعرضهم لخسائر كبيرة، وأضاف في حال تطبيق الزيادة فسنقوم بوضع زيادة أخرى على السلعة، خاصة بالترحيل، وتوقع أن يصل سعر الأسطوانة (100) جنيه. وأشار إلى أن الوكلاء الذين لديهم غاز قاموا ببيع الأسطوانة بمبلغ (75). البحث عن بدائل: واشتكى أيمن عبد الله الذي يعمل وكيلاً لعدد من الشركات «أمان والنحلة وسودا وأبرسي» من عدم توفر الغاز حالياً، مؤكداً رفضهم للزيادة، وقال إن الوكلاء سيضعون (5) جنيهات على كل أسطوانة، وأشار إلى أن عدداً من الوكلاء شاركوا في الاجتماع الذي أقر الزيادة، فمنهم من وافق ومنهم من اعترض على القرار. وأبان أن القرار له آثار سالبة على عملهم ومن الممكن أن يتجه كثير من المواطنين لبدائل أخرى. مؤامرة مريرة: وابتدرت الموظفة بإحدى الشركات الخاصة، أمينة محجوب حديثها بقولها «اتقوا الله فينا»، وقالت متضجرةً، إذا أصبح هذا السعر الجديد ثلاثة أضعاف السابق فسأطلب من إدارة الشركة التي أعمل بها بأن تزيد مرتبي للضعف حتى أتمكن من تغطية احتياجات عائلتي و مستلزماتهم، و أضافت زيادة الغاز ستكون البداية. أما الخمسيني طارق محمد إسماعيل الذي قال ثائراً وبصوت عالي «دي مؤامرة مريرة من شركات الغاز ووزارة النفط». سعر غير مجزي: وتقول المواطنة عائشة خضر إنها تابعت حديث علي أبرسي في إحدى القنوات الفضائية وعندما قال إن ال (75) جنيهاً للأسطوانة مبلغ غير مجزي ولابد أن تكون (95) جنيهاً حتى تحقق أرباحاً للشركات، انتابها إحساس بأن «أبرسي» هو من خطط لارتفاع الأسعار من خلال مطالبته المستمرة لتحرير أسعار الغاز. أما محمد صالح علي الذي يعمل بإحد المطاعم الشعبية بالسوق العربي بدأ بشرح تضررهم في العمل من هذه الزيادات التي وصفها بالمجحفة على المواطنين في المقام الأول، وأضاف حينما بدأوا باستبدال الغاز بالفحم في ظل أزمة الغازالسابقة كانوا يستهلكون ما يتراوح من «2-3» جوال فحم في اليوم الواحد، و تساءل ما الذي يمكن فعله في ظل ارتفاع السلعتين معاً، واختتم بقوله «كلما يضغطوا علينا نحن نضطر نضغط على الناس». زيادات 50% في أحد مطاعم الفول الشهيرة بالخرطوم قال مسؤول الحسابات محمد بله، وهو قاطب الحاجبين «نحن ماراضين الزيادة دي والله « وأكد أنهم سيضطرون لرفع أسعار الطلبات حتى لا يتعرضوا للخسارة على حد قوله. وأضاف حنضطر نزيد الطلبات (50%)، وهذا ما صرح به حسام محمد «صاحب ركشة»، قائلاً إنه سيرفع تعرفة المشاوير تحسباً لأي زيادات أخرى، متوقعاً أن تزيد السلع الأخرى الضرورية وعلى رأسها الخبز. لابديل للغاز وبدوره قال عبد المنعم محمد الإمام صاحب مخبز لا توجد أي خيارات أخرى وليس هنالك أي بديل للغاز غير الغاز، خصوصاً في ظل التصاميم الجديدة للأفران التي يستحيل معها استخدام الحطب، كما كان في السابق. وتوقع ان يرتفع سعر الرغيفة الواحدة إلى (50) قرشاً،أي ستصبح الرغيفتين بجنيه. وأكدت رئيس لجنة الطاقة بالبرلمان د. حياة الماحي عدم وصول خطاب رسمي للجنة يفيد بزيادة أسعار الغاز، وقالت عندما يرد لنا خطاب بصورة رسمية بالتأكيد سوف يتم مناقشة الأمر. وأضافت أن الخطاب المذكور خصت به الشركات المنتجة فقط، لكن لابد من تمريره على البرلمان الذي بدوره سيرفض الخطوة أو يقبلها.