القصر والقِصر (بمعنى واحد) في كل شيء خلاف الطول.. والقصر الغاية.. عش ما بدا لك قصرُك الموت لا معقل منه ولا فوت بينا غني بيت وبهجته زال الغنى وتقوّض البيت والقصر الحبس وفي التنزيل حور مقصورات في الخيام.. وعندهم قاصرات الطرف أي قد قصرن الطرف على أزواجهن.. والقصر الجهد والغاية والنهاية.. والقصر قرب حلول الظلام واختلاطه.. والقصر جذع النخلة أو الشجرة وهو الجزل.. ويقال في الشمالية (جُضل) وفي الغرب (دُقل). ü والقصر من البناء هو المنزل.. وقيل كل بيت من حجر وسمي بذلك لأنه تقصر فيه الحُرم أي تحبس وجمعه قصور وفي التنزيل (ويجعل لك قصوراً.. والمقصورة الدار المحصنة وهي (مقام الإمام) وجمعها مقاصر.. قال الشاعر(ومن دون ليلى مصمتات المصاقر) المصمت المحكم.. ومقاصر جزيرة معروفة قرب دنقلا.. وإليها ينسب الشاعر توفيق صالح جبريل والبروفيسور أحمد علي الإمام وبعض عترتي من الزياداب أحفاد الشيخ محمد ود عيسى سوار الدهب البديري الدهمشي. ü والقصر الجهموري والذي شُيّد قبل أكثر من (180) عاماً مقراً للحاكم العام وكان يسمى (السراي) فاستخدمه السير لي استاك سردار الجيش المصري وحاكم عام السودان 1916-1924م مكتباً رئاسياً وأطلق عليه بعد الاستقلال اسم القصر الجمهوري.. وغيّر الرئيس الراحل جعفر نميري اسمه لقصر الشعب عقب الإنقلاب الشيوعي الفاشل يوليو 1971م.. وأعيدت تسميته بالقصر الجمهوري عقب الانتفاضة في إبريل 1985م وبذلك يكون القصر المبني من الطوب اللبن والآجر المستجلب من خرائب سوبا والخشب قد شهد (سيادة وإبادة) كل الحقب السياسية في تاريخ السودان الحديث فصار أنصع مثال لحضارات سادت ثم بادت ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ولقرب موضعه من النيل الأزرق الدفاق ولطبيعة المواد التي شُيد بها أصبح (القصر الجمهوري) مهدداً بالانهيار كلياً أو جزئياً فكان لابد من بناء قصر جديد يفي بمتطلبات الوظيفة الرئاسية.. ويتسق مع النهضة العمرانية التي تنتظم بلادنا ويصبح واجهة لسوداننا الذي أصبح في واجهة الأحداث وبؤرة ضوء الإعلام العالمي المغرض والموالي!!. وفي عهد اللواء الركن «ط» الدكتور الطيّب إبراهيم محمد خير وزير رئاسة الجمهورية المُكلف بدء الإعداد لبناء قصر جديد.. وكوّن لذلك لجنة عليا برئاسة الأستاذ كمال عبد اللطيف وزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء وتشرفت بعضويتها وكان كمال (المتعب) يحدد السابعة صباحاً في أيام الشتاء موعداً لبدء عمل اللجنة والتي ضمت في عضويتها التخصصات كافة.. وقتلت كل المقترحات بحثاً واصطحبت الخبراء من التشكيليين والفنانين وأساتذة التاريخ والتراث والمهندسين والاستشاريين والسياسيين من كل ألوان الطيف السياسي والمجتمعي .. فلم تترك اللجان شاردة ولا واردة عند اختيار الموقع أو تصميم الشكل الخارجي أو الديكور الداخلي أو الوظيفة التي سيؤديها ومصير القصر القديم وتفاصيل كثيرة ودقيقة شكلت ملفاً ضخماً أصبح مثار دهشة وسخرية من (الصينيين) الممولين والمقاولين لهذا المشروع لأن الأمر في تقديرهم لا يستحق كل هذا الرهق والحبر المراق.. والمشروع تمويله قرض ومنحة صينية.. المنحة أكثر من % 40 من التكلفة الكلية والباقي قرض بدون فوائد مع فترة سماح تمتد لسبع سنوات.. وقد احتلفت رئاسة الجمهورية احتفالاً مصغراً جداً مساء الخميس بحدائق القصر الجمهوري بالتوقيع على العقد وسيكتمل البناء في أقل من عام واحد بشهر واحد.. وقد شهد رؤساء التحرير وكُتاب الأعمدة الصحفية اللقاء المختصر والحفل المبسط وشهد على التوقيع الفريق أول ركن بكري حسن صالح وزير رئاسة الجمهورية والدكتور أمين حسن عمر وزير الدولة برئاسة الجمهورية وسفير جمهورية الصين الشعبية بالخرطوم. والصين التي بنت لنا قاعة الصداقة ثم القاعة الجديدة وغيرها من المشروعات الكبرى في الكهرباء والبترول والطرق والجسور والمستشفيات يهتم مواطنوها بزيارة القصر الجمهوري ليزوروا الموقع الذي قُتل فيه غردون ذلك المستعمر الذي سام الصينيين الخسف ومر العذاب ولأسباب كثيرة سيقتصر القصر القديم على المناشط المراسمية كتقديم أوراق الاعتماد للسفراء أو وداعهم لتبقى رمزية القصر والحفاظ عليه كتراث إنساني جدير بالاهتمام والاحترام. كانت الأعلام والبيارق ترفع على (الأنادي) جمع إنداية وهي مكان بيع الخمور البلدية (لمصلحة الشباب وصغار السن هذا الشرح).. وجاء رجل من قريته واتّجه صوب القصر الذي ظنّه مكاناً توجد فيه (المريسة) ولما اقترب صاح فيه الحراس (الديدبانية) ثابت عندك.. فتمتم الرجل (بسم الله هي متين أصبحت ومتين سكرتو). وهذا هو المفروض