* قال لي الفنان أبوعركي البخيت إنه لن ينسي مشهداً لمجموعة من الكلاب المملوكة للفنان الراحل خليل إسماعيل، اعترضت سبيلهم وهم يحملون جثمانه إلى خارج المنزل وقال إنها ظلت لمدة دقائق تتأوه من حولهم بصوت فيه الكثير من النويح كأنها كانت تعلم أنها لن تراه مرة أخري بعد هذا المساء وأنها لن تجده أمامها يرعاها بعينيه ويطعمها بيديه، أذكر أنني قلت له مرة ألا تخشى من غدر هذه الكلاب، فأجابني بسخريته المعهودة إنها كلاب كبرت أمامي ولكن الخوف ثم الخوف من «كلاب الشوارع». * أكدت دراسة قام بها عدد من علماء الطيور توصلوا من خلالها إلى أن الأسباب المؤدية إلى لمحة الحزن الملازمة للطائر «مالك الحزين» أكدت أن هذا الطائر يعتقد أن مجرد تناوله رشفة من النهر، فإن ذلك قد يؤدي إلى تجفيفه من المياه تماماً، وأنه بذلك قد يعرض أحبابه من العصافير إلى الموت عطشاً، كما أشارت الدراسة إلى أن هذه الحالة من العطش المستمر أضفت عليه مظهراً من الحزن استحق عليه أن يلقب بمالك الحزين. * تتحدث الرواية عن إحدى قبائل البجا بشرق السودان مؤكدة أن العاشق من أهل هذه القبيلة يفضل أن يموت شوقاً على أن يبوح بسره عن امرأة أحبها، وبما أنني أنتمي إلى سلالة من القبائل الراطنة في الشرق الحبيب، فقد لاحظت أن مجموعة من أصدقائي من أهل هذه القبيلة يتحاشون تماماً حلاوة الحديث عن الحب وأيامه، ولكنهم لا يرفضون أن تتحدث المرأة عن هذا العشق بشرط أن يكون لزوجها فقط. * وأنا أعود إلى منزلي ذات مساء مرهق بالعمل وجدت أمامي صبية تتغنى بأغنية عارية الصدر قبيحة العيون، لم ينتابني الشك في أن هذه الصبية تتغنى بهذه الأغنية إعجاباً بلحنها الشجي دون الفهم الواسع لما تحمله من ذباب يتطاير حول كلماتها، فقلت لنفسي إلى متى سنظل نتأمل في السفينة وهي تغرق دون أن نسعى لانتشالها؟.. إلى متى سنعمل على وقف الحريق وهو يلتهم حدائق الأعناب في الأغنية الجميلة. * قالت له هل يمكن لمهزوم أن يكون منتصراً في معركته؟.. قال لها يمكن أن يكون ذلك في حالة واحدة فقط، هو أن يكون هذا المهزوم القادر على الانتصار مغرماً بعيني خصمه في المحبة.. كم من حمامة رقيقة انتصرت على نمر أحبها، وكم جبار ظالم انكسر أمام عيون هام بها حتى سفاح «يورك شاير» الذي طالما قضى على حياة كثير من العذارى، انهزم أمام صبية أحبها، قلت له: لا يمكن أن يكون الانتصار انتصاراً إلا إذا كان هناك توازن في العلاقة بين الخصمين، باعتبار أن الكمنجة الرقيقة لا يمكن أن تدخل في معركة ضد جنازير دبابة، ولهذا يكون انتصار الكمنجة في هذه الحالة على الجنازير مجرد انتصار مهزوم.