٭ ويتبارى الشعراء ويتنافسون في الغناء لهذا الوطن الجميل... يزهو ويزدهي الشعر والحرف الأنيق والوتر البهيج والطبل الرزيم في تمجيد أبناء هذه الأمة العظيمة .. زرع الأدباء والمبدعون فضاء الدنيا تمجيداً وغزلاً رفيعاً في خصال وسجايا وشمائل هذا الشعب الطيب المدهش الفريد النبيل.. مباريات من الوزن الثقيل.. وملاحم أسطورية ومعارك نبيلة وشريفة.. شرسة وشاهقة بين من يصوغون الحرف ويغزلون الكلمة.. ويطوقون بها جيد أبناء شعبهم.. ما أبهاك سعادة السفير سيد أحمد الحردلو.. ويابلدي يا حبوب.. ما أصدقك إسماعيل ود حد الزين وديل أهلي.. ما أروعك محجوب الشريف وأنت تشدو بل أنت تلميذ في مدرسة الشعب.. غشيت قبرك شآبيب الرحمة... مرسي صالح سراج.. ونحن في الشدة بأس يتجلى.. وهطلت على مرقدك سحائب الرضوان وأنت تشدو... غير إلاهك ما أم رازق.. وهذه هي صورة مختزلة.. عابرة كما اللمحة.. سريعة كما الوصفة، قصيرة كما اللحظة عن سودان .. كان يرفل في ثياب الزهو والكبرياء والعظمة والعز.. ٭ هذا هو السودان قبل أن تدهسه خيول الأحبة في الانقاذ.. ويأتي الأخوان بأحلام كبيرة وآمال خلابة .. وظن بعضهم أن السودان قبلهم لم يكن شيئاً مذكوراً.. وظن في غرور البعض منهم أنهم من اكتشفوا بلداً اسمه السودان تماماً كما اكتشف البحار «كولمبوس» أمريكا. ٭ ويبالغ في جنون «عديل» بعضهم وهم يقسمون برافع السماء بلا عمد بأن أضواء وشمس الإسلام لم تشرق في السودان إلا بعد مجيئهم «السعيد».. كل ذلك كان في سنوات إعصارهم الأولى.. صحيح أن هذه الموجات الصاخبة قد انحسرت.. وأن فورة اللبن قد هبطت وسكتت.. وطوى الأحبة «الأخوان» تلك الرايات التي كتبوا عليها حروف النبوءات الجريئة .. وأودعوها المخازن.. وصاروا كما خلق الله «نصهم عاقل ونصهم مجنون..» وسارت قافلتهم وأبحرت مراكبهم في نهر الواقعية.. بعدما عرفوا أن «الله حق» وأن حبل الأماني وزهو النفخة الكاذبة إلى حين.. وهدأت الأخوان.. ولكن ولأن من العواصف ما يكون هبوبها بعد الهدوء وراحة الربان.. فقد بدأت عواصف الجن الكلكي تهب مرة أخرى في فضاء الوطن.. وأنهر مطر التصريحات الغريب.. وتلونت السماء بالدهشة وتطرزت بالعجب.. ٭ والآن يا أحبة نذهب سوياً إلى المسرح القومي الكوميدي.. لنضحك حتى «نشرق» ونستغفر الله.. وهاكم الفصول.. فصول المسرحية الكوميدية. أحدهم يقول.. وجدنا الشعب السوداني أمة من «الشحادين» وآخر يقول.. عندما جاءت الانقاذ كان الشعب يأكل في اليوم «وجبة واحدة» .. وثالث يقول.. قبل الإنقاذ كان المواطن لا يملك غير قميص واحد، والآن الدواليب مكدسة بالقمصان، وآخر فصل من المسرحية الكوميدية قول أحدهم قبل مجئ الانقاذ كان الناس يقسمون «الصابونة» إلى قسمين، وكل بيت «نص صابونة» ولا حول ولا قوة إلا بالله. وبكرة نتلاقى