* ذات صباح زارني في منزلي بدولة الإمارات العملاق الراحل أبو آمنة حامد ليقول لي إنه فكّر في العودة النهائية للسودان، حقيقة تفاجأت بما قاله إلا أنني علمت في نهاية الأمر أنه يعاني من حنين إلى ساعة يعانق فيها غروباً على ضفة البحر الأحمر، وواصل الشاعر الكبير حديثه لي قائلاً: أنت تعلم أن الأسماك في مدينة (جبيت) تتراقص على البرك طرباً ولكنها تموت اختناقاً داخل أحواض من الكولونيا في بلد غريب. * على ضوء أمسية هادئة جمعت بيني وبين الأرباب صلاح إدريس وعدد من الأصدقاء في منزله بكافوري أخذنا نتحدث عن أكثر شيء نخشاه في هذه الحياة، فقال أحد الأصدقاء إن أكثر ما يخشاه أن يرى وردة تزف إلى جلاد، وقال آخر إن أكثر ما يخشاه أن يرى فناناً كبيراً تحول إلى ظلال تمشي على الزوايا، أما الأرباب فقد أكد أنه قد يموت وجعاً إذا شعر أنه تعرض إلى برئ بظلم حتى وإن كان ذلك عن دون قصد. * قاد الفنان إبراهيم الكاشف ثورة بيضاء ضد السيد مدير الإذاعة الأسبق مطالباً بزيادة أجور الفنانين من خمسين قرشاً إلى واحد جنيه، إلا أن مدير الإذاعة رفض الخضوع لمطالب هذه الثورة البيضاء مؤكداً أن كل من يشارك فيها من الفنانين لن يسمح له بالدخول إلى حوش الإذاعة، تدخل الأجاويد في تصفية هذه الغمامة فأقنعوا السيد مدير الإذاعة أن يسحب قراراه، فوعد بزيادة في أجور الفنانين تحولت بعد ذلك إلى سراب. * قال الرسام العالمي (فان جوخ) إنه رسم معظم لوحاته التي بيعت بملايين الدولارات على أضواء مصابيح الشوارع، الغريب في الأمر أن هذا الرسام العبقري قطع أذنه ذات مساء ثم حملها بين يديه إلى حسناء كان يحبها واعترف أنه لا يملك من الوسامة إلا القليل فقرر أن يقطع أذنه هدية يقدمها إلى محبويته باعتبار أنه كان يرى أنها الأجمل، هكذا العباقرة يفكرون بطريقة فيها من الجنون ما يجعلنا نحن عشاقاً لجنونهم. * حين توجه أحد الصحافيين بسؤال للدكتور مصطفى محمود عن أجمل مشهد انبهرت به عيناه قال: كان ذلك أثناء زيارة قمت بها إلى جنوب السودان، حيث أشار أنه كان يجلس في فناء المنزل وفجأة وجد نفسه محاطاً بالآلاف من اليرقات المضيئة مما جعله يحس أن أجنحة من النجوم الصغيرة تناثرت على كتفيه أضاء بها الليل، وقال إنه لم يكن يتخيل يوماً أن تتجول النجوم على كتفيه وهو جالس على الأرض، وأضاف كنت أشعر أنني أجلس على طرف من سماء ليس لها بالأرض علاقة.