ترى ما الذي أصاب جهاز الخدمة المدنية؟ هذا السؤال يتردد كثيراً منذ فترة، ولاسيما أولئك الذين شهدوا أيام مجدها وعزها كما يظنون ويعتقدون؛ وغالباً ماتجئ الإجابة بدلالاتٍ ومعاني مختلفة، فالبعض يرجع ما أصاب الخدمة المدنية إلى أسباب متنوعة، إلتقت وتمازجت بعد أن تراكمت لزمن طويل، فكانت المحصلة هي ماوصلت إليه الآن من تشوهات أو تدهور، آخرون يرجعون هذا التراجع إلى الكثير من الأسباب السياسية والإدارية، فيما يرى العديد من الناس بأن الدولة حاولت إنقاذها وانتشالها من حالة الضعف والوهن بمختلف الطرق سواءً أكان بدعمها بالكثير من الكوادر المؤهلة من خارج الأطر المنتمية لجهاز الخدمة المدنية، أو باتخاذ العديد من الإجراءات الإدارية والتنظيمية حتى تستطيع أن تنهض مرة أخرى، ولكنها ما زالت تراوح مكانها وعلى الرغم من استنادها على إرث ضخم من الخبرات التراكمية والموارد البشرية والقوانين المنظمة لها، ولعلها المعضلة الرئيسية التي تعيق هذا الجهاز المهم من الانطلاق، نعم أصبحت هذه القوانين لا تصلح لتنظيم العمل ولتسيير دولابه بالصورة المطلوبة، لأنها لا تتناسب ومتطلبات الحاضر، ناهيك عن المستقبل القريب، حيث كان من المأمول وبحسب طبيعة الأشياء أن تتطور القوانين واللوائح لتتماشى مع روح العصر الحديث الذي سمته تقانة المعلومات، والسرعة في أداء الأعمال والانجاز والإعجاز، ولكن شيئاً من هذا لم يحدث ولن يحدث طالما بقيت هذه القوانين واللوائح والتي لا تلبي طموحات العامل، وبالتالي صعوبة الوصول إلى مراحل الرضاء الوظيفي والتي تؤدي إلى زيادة الإنتاج والإنتاجية لذا لابد من تغيير قوانين الخدمة المدنية لتستوعب المتغيرات الهائلة والكبيرة التي تحدث، وفي تقديري أن تغيير القوانين سيعيد بارقة الأمل في جهاز الخدمة المدنية، وسينهض به من جديد بعد أن هوى بفعل هوى البعض والذين أرادوها هكذا مرتدية لثوب القوانين البالية لشيء في بالهم، ولكن هيهات.. الدولة الآن شارعة في تنفيذ سياسة الإصلاح والتجديد، وتمضي بكل جد وعزم في ذلك ودونكم الكثير من القوانين، التي عدلت أو تم تغييرها ونأمل أن تكون قوانين الخدمة المدنية في الطريق..