اسأل ماذا حدث للناس في السودان ، اللحمة الاجتماعية أصبحت مهترئة وغابت سلطة الرجل ، مشاكل متلتلة في البيوت ، ومناكفات بين الذين تربطهم علاقات اللحم والدم ، في الكثير من الأفلام والمسلسلات المصرية تجد مقولة ( الضفر ما يطلعش من اللحم ) ، للأسف الظفر السوداني خرج من اللحم وأبو اللحم كمان ، قبل اكثر من عشرين عاما لم تكن هناك مشاكل بين أفراد الأسرة أو العائلة الواحدة الآن حدث ولا حرج الأخت مع أختها والأخ مع أخيه أو شقيقه والمسألة جايطة ، انظروا إلى محاضر القضايا في المحاكم وتأملوا نوعيات القضايا المرفوعة للأسف نجد ان معظمها دعاوي هامشية ووسخ دنيا لا تستحق ان يخسر الناس بسببها بعضهم البعض ،في الماضي لم يكن الواحد يجرؤ على مقاطعة خالته أو عمته ، في الراهن يمكن ان يلعن الزول سنسفيل خالته أو عمته بسبب مشكلة عائلية وجوطة نسوان لا تودي ولا تجيب ، هل بحث علماء الاجتماع التداعيات الحاصلة في النسيج الأسري السوداني ، وهل يمكن ان تعود الطيبة الى الناس كما كانوا في الماضي البعيد ، احد أصدقائي من النخب أضاء النور الأحمر ذات ليلة وكشف بدون لف ولا دوران ان المشاكل المشتعلة بين أفراد عائلته الكبيرة شيبت دماغه وجعلته يجلس على صفيح ساخن ، قلت لصاحبي ان الاسر السودانية لم تعد كما كانت فغياب الآباء والأعمام والخيلان والكبار من أفراد الاسر بالموت تسبب في شروخ كبيرة في النسيج الأسري وأصبحت الدارة دارة ( حريم ) ، سيناريو غياب الكبار له تأثيرات على المشاكل المشتعلة في البيوت ، أقول قولي هذا ليس من مشهد واحد وانما بصفة عامة ، يبدو ان عواصف الحياة وركضها أنستنا طيبتنا وأخلاقيتنا واحترام الكبار وتقدير الأسرة والخوف عليها ، في الخليج كان يقال ان الزول السوداني طيب وابن حلال ويمكن ان يطلق عليه لقب ( أمين بك باشا ) نظرا للأمانة التي كان يتمتع بها أهلنا نعم أهلنا من السودانيين الأوائل الذين وضعوا لبنات الدبلوماسية الشعبية وهم مائة بالمائة من أهل الولاية الشمالية ، الان اختلط الحابل بالنابل وأصبح السوداني يلعب بالبيضة وحجر الزلط مين بقيسو ويجاري أجعص النصابين في شبكة النصب الدولي ، ارجو ان نأخذها من قاصرها ونبحث في أسباب غياب لحمة التكافل في مجتمعنا ، ارجو ذلك فغياب التكافل يفرز الكثير من التداعيات وربما نستيقظ في الغد ونجد أنفسنا نعيش في مجتمع مفلوت بمعني الكلمة هذا ان لم نكن أصبحنا مفلوتين من زمآآآآآآن ، أي زمان هذا الذي نعيش فيه وأي مصير ينتظرنا ، أعود وأقول ان غياب الكبار اثر كثيرا في تلاشي هيبة الزول السوداني وأصبح الرجل مثل خيال ( المآته ) وهمبول يمشي على قدميه ، الحاجة التجنن والشيء العجيب ان قادتنا ورموز العمل السياسي اصبحوا محنطين من الطراز الأول لا يهشون ولا ينشون ما جعل الجنوب يخرج من لحمة الوطن