جدل كثيف أثاره البيان الذي أصدره مكتب زعيم حزب الامة القومي الصادق المهدي عقب اللقاء الأخير الذي جمع الامام برئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ثامبو أمبيكي، ففي الوقت الذي اعتبره البعض انعطافاً خطيراً في مواقف حزب الأمة الداعية لإسقاط النظام عبر الانتفاضة الشعبية، وانحياز الحزب بكلياته لعملية الحوار الوطني، يرى آخرون أن روح البيان تعبر عن تمسك حزب الأمة بخيار الانتفاضة الشعبية، وفي ذات الوقت تنحاز إلى خيار الحوار المشروط مع الحكومة . ملاحظات المهدي لقاء الإمام وأمبيكي ناقش في مجمله دواعي رفض قوى نداء السودان للتوقيع على خارطة الطريق الإفريقية في اجتماع 21 مارس الماضي بأديس أبابا، والتي وقعت عليها الحكومة منفردة مع الآلية وتحفظت بقية القوى المعارضة . وامكانية قبول حزب الأمة التوقيع على الخارطة، وحسب البيان الصادر من مكتب الإمام عقب الاجتماع مباشرة، فإن الصادق المهدي أبدى عدداً من الملاحظات على الخارطة، وطرحها على أمبيكي لإعادة النظر فيها كشرط سابق للتوقيع على الخارطة، وأجمل المهدي ملاحظاته في: أن يكون اللقاء التحضيري المقترح شاملاً، وأن تمثل فيه الحكومة للالتزام بالتنفيذ وأن لا تعتبر عملية الحوار مجرد امتداد لحوار الداخل، بل يتفق في الحوار التحضيري على استحقاقات الحوار الوطني، وأن تتوفر ضمانات بتنفيذ إجراءات بناء الثقة، وأن تكون رئاسته بتوافق متبادل، ولا تخضع لأي حزب ، لكن أمبيكي وعد بدراسة مطالب الإمام مع أعضاء الآلية والرد عليها . حوار مشروط ويبدو أن الإمام الصادق المهدي تخندق في موقف حزبه القديم، وتمسك بالحوار المشروط مع الحكومة، وطرح شروطه على طاولة أمبيكي، بيد أن رد أمبيكي على هذه المطالبة حسبما يرى المحلل السياسي البروفسير حسن الساعوري، رداً يفهم منه أن الرجل رفض مقترحات الإمام، لكنه حاول أن يتحايل على الرفض بوعده أن يتم دراسة المقترحات مع أعضاء الآلية، لكن الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني بكري يوسف، قال إن ما جاء في بيان الإمام يتسق ورؤية المعارضة وموقفها المعلن فيما يتعلق بمسألة الحوار الوطني مع الحكومة، وقال إن دعوة أمبيكي للإمام المقصود منها أن تجد آلالية رفيعة المستوى مخرجاً من ورطة التوقيع مع الحكومة بشكل منفرد، وأضاف في حديثه ل(آخر لحظة) إنه يجب على الآلية الإفريقية رفيعة المستوى أن تنظر لمبادرة الإمام ومقترحاته بجدية، لا سيما وأن المهدي تحدث عن شمولية الحوار، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا التقى أمبيكي ببقية مكونات المعارضة المتمثلة في قوى نداء السودان، ومناقشة مطالبهم، ثم مشاركة الجميع في اللقاء التحضيري، والذي من شأنه أن يناقش كافة قضايا الحوار الوطني . ويشير يوسف إلى أن المهدي لم يتحول من الدعوة لإسقاط النظام إلى الدعوة للحوار الوطني حسبما يفهم من عبارات البيان، لأن الحوار الوطني ليس بديلاً لعملية إسقاط النظام عبر الحل السلمي الجماهيري، وحول سؤال الصحيفة عن أن المهدي جلس مع أمبيكي بصفته رئيساً لحزب الامة أو مفوضاً من قوى نداء السودان، أجاب يوسف أن المهدي اجتمع مع أمبيكي بصفته رئيساً لحزب الأمة القومي، ولكنه دفع بمسودة مقترحاته لقوى نداء السودان بما فيها حزب المؤتمر السوداني، وقال بكري إن حزبه سينظر في مقترحات المهدي في أول اجتماع للمكتب السياسي . خطأ وتبروء حزب الأمة القومي سارع إلى التبروء مما نشرته صحف الخرطوم الصادرة صباح الأمس، وقال نائب رئيس الحزب محمد عبدالله الدومة إن الصحف فهمت ما جاء في البيان بطريقة خاطئة، وأن موقف حزب الأمة القومي من الانتفاضة ثابت، وهو قرار مؤسسات الحزب، ولا يجوز التراجع عنه، وبحسب حديث الدومة ل(آخر لحظة) أن أمبيكي طلب مقابلة المهدي بعد أن وصل إلى طريق مسدود عقب توقيعه مع الحكومة منفردة لخارطة الطريق الافريقية، وأضاف أن أمبيكي يحاول أن يقنع الإمام بالتوقيع على الخارطة، بعد أن فشل في تنزيلها عقب رفض قوى نداء السودان للتوقيع عليها في مارس الماضي ، عدم ثقة اجتماع المهدي بامبيكي اثار جدلاً واسعاً وتساؤلات كثيرة مفادها هل الإمام اجتمع مع امبيكي بصفته رئيسا لحزب الأمة أو بصفته مفوضاً للحديث باسم قوى نداء السودان، بيد أن إقرار الأمين السياسي للمؤتمر السوداني أن الامام التقى أمبيكي بصفته رئيساً لحزب الأمة حسم الجدل، علاوة على ما ورد في البيان نفسه من عبارة تدل على أن الدعوة وجهت للمهدي بصفته رئيساً لحزب الأمة وليس ممثلاً لقوى نداء السودان، لكن المهدي وزع مسودات تحتوي على مخرجات لقائه بامبيكي ومقترحاته عليه لكافة قوى نداء السودان، مما يعني أن الإمام أطلع حلفائه في المعارضة على ما دار في الاجتماع بصورة أو بأخرى، لكن الساعوري في حديثه مع (آخر لحظة) قال إن اجتماع المهدي مع أمبيكي بصفته رئيسا لحزب الأمة يشير إلى أن هناك عدم ثقة بين الإمام وبقية قوى نداء السودان