على نحو غير متوقع فاجأ زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي الساحة السياسية بتصريحات تبدو أقرب الى الردة عن موقفه الذي أعلنه قبل يومين فقط، عقب لقائه برئيس الآلية الافريقية رفيعة المستوى ثامبو امبيكي، حيث أبدى الإمام دهشته من تطابق مخرجات الحوار الوطني مع كثير من الأجندة التي تطالب بها المعارضة.. تصريحات المهدي جلبت عليه الغضب من بعض القوى المتطرفة في معارضتها للنظام في وقت ابتسمت لها قيادات الحزب الحاكم والأحزاب المنضوية تحت آلية ( 7+7). تنقل ومحطات ورغم أن الكثيرين اعتبروا أن موقف الإمام الأخير من مخرجات الحوار الوطني ردة عن مواقفه السابقة، لاسيما تلك التي أدرجها في شكل ملاحظات على خارطة الطريق الافريقية خلال لقائه الأخير بثامبو امبيكي، إلا أن المهدي وفي ذات الملاحظات ورغم تمسكه بخيار الانتفاضة وتأكيده على أن الشعب السوداني ماض في تنفيذها إلا أنه قال إن هذا لا يعني أبداً صرف النظر عن آلية الحوار الوطني، العبارة الأخيرة التي وردت في صلب الملاحظة الثانية تشير الى أن زعيم حزب الأمة مازال يتمسك بخيار الحوار الوطني، الأمر ذاته أكده عضو آلية (7+7) فضل السيد شعيب في تعليقه على حديث المهدي الأخير حول مخرجات الحوار وقال شعيب ل(آخر لحظة) إن المهدي غير رأيه بالانخراط في عملية الحوار الوطني عقب اعتقاله الأخيرة، لكن يحمل في دواخله قناعات كبيرة بجدوى الحوار، ولم يستبعد شعيب عودة الإمام الى صفوف الحوار الوطني.. كاشفاً عن تسلم القيادي بالحزب فضل برمة ناصر لمخرجات الحوار من الآلية وأضاف لابد أن ينتقل المهدي الى محطة جديدة بعد أن ظل يتنقل من محطة الى أخرى ويظهر ذلك من خلال مطالبته في الأيام الماضية بالدعوة لقيام المؤتمر التحضيري ثم يمتدح مخرجات الحوار الوطني. تبرير وموطيء قدم لكن ربما وصل المهدي الى قناعة بجدوى حوار الداخل بعد اضطلاعه على مخرجات الحوار الوطني، بيد أن القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبدالعاطي يرى أن الإمام يبحث عن موطيء قدم داخل آلية الحوار الوطني من جديد، وربط عبدالعاطي في حديثه ل(آخر لحظة) بين مقابلة المهدي لأمبيكي وبين مدحه لمخرجات الحوار، لكنه في ذات الوقت استبعد عودة المهدي للبلاد قريباً، وقال يصعب التكهن بعودته أو انخراطه في الحوار الوطني نسبة لتغلب مواقفه المبنية على تناقضات، غير أن عضو آلية (7+7) الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر قال إن موقف الإمام الأخير موقف متقدم ويشبه الصادق المهدي.. وأضاف أن المهدي مارس تجرداً سياسياً عالي وبدون مجاملة تحدث حديثاً واضحاً من شأنه أن يقرب المسافات بين القوى السياسية في البلاد، وطالب كمال المهدي بممارسة دور مع الآخرين لاقناعهم بجدوى الحوار.. داعياً الحركات المسلحة وقوى الاجماع الوطني الى الحصول على مخرجات الحوار، وأن يقولوا رأيهم بشفافية حول الجهد السياسي الذي بذلته القوى السياسية التي ارتضت الحوار . تناقضات وضغوط واستبعد عمر أن يكون المهدي تعرض لضغوط من رئيس الآلية الافريقية ثامبو امبيكي خلال لقائهما الأخير.. وقال لا ينبغي أن نتحدث بأسلوب لا يتوافق والمنطق السياسي إذ كيف يمارس أمبيكي ضغوطاً على الإمام، وماهي نقاط ضعف الإمام التي يمكن أن سيتخدمها أمبيكي كوسيلة ضغط على الرجل، فالمهدي إمام الأنصار ورئيس أكبر حزب سياسي في البلاد، ورئيس الوزراء المنتخب وله وزنه السياسي، فإن كان ثمة ضغوط يمكن أن تمارس على الرجل ويمكن أن يستجيب لها، فهي بالطبع ضغوط تنبع من همه الوطني وإحساسه بمشاكل البلاد والبحث عن مخرج لأزمات البلاد.. وبعيداً عن التكهن بالضغوطات التي مورست على المهدي من عدمها، يرى المحلل السياسي والأستاذ بالجامعات السودانية صلاح الدومة أن المهدي رجل متقلب المواقف وليس غريباً على الرجل أن يمتدح مخرجات الحوار، ويعارض في ذات الوقت الحوار بمجمله ثم يقترح.. بيد أن الدومة استبعد أن يكون المهدي قد تعرض لضغوط من امبيكي، لكنه توقع أن يكون الإمام قد وجد ضمانات من المجتمع الدولي للالتحاق بالحوار الوطني وقال ل(آخر لحظة) إن كل الاحتمالات واردة فيمكن أن يلتحق المهدي بالحوار الوطني أو أن يخرج غداً أو بعد غد بتصريحات نقيضة لتصريحاته موضوع النقاش، لأن الرجل يجيد اللعب بالتصريحات المتناقضة.