اختلف الفلاسفة والعلماء في مكنون الجمال وهويته.. لكن ما اتفق عليه العالم.. ( إن الجمال هو ما اعتادت عليه العين) الآسيويون.. الافارقة.. الأوربيون.. وكل الأجناس والشعوب والملل لهم ملكات جمال من بني جنسهم... لكن( الجمال الأصلي في السودان).. أنا على يقين أن موطن الجمال هنا .. وأن الجمال اتخذ من السودان موطناً...هذه القناعة التي لن تتزعزع.. هي نتاج خبرة طويلة ومشوار طويل في بحثي عن الجمال، ونفس بغير جمال لا ترى في الوجود شيئاً جميلاً، وقدرة الله وصنعه تتجلى في الجمال.. بالجمال عرفت نفسي وبالجمال عرفت الله.. ساقتني قدماي الى روعة الجمال ورقته.. الى حيث سكينة الروح ومتعتها.. الى غاية النفس ومطلبها... الى سر الوجود وحسن ...الى شفاء العليل وترياقه..... دخلتها وحواشيها زمردت وشبابها البض رويان.. إنها الخضرة ..إنه الجمال.. جمال أرض البطانة بواديها وهاديها روابيها جمال يعجز الخيال عن وصفه، وتتقطع فيه سبل الرجاء لم تسعفني بنت الخيال ببعض أبيات أخلد منظرها شعراً ..عجزت كلماتي عن مجاراة الجمال اللا متناهي يا لروعة وجمال وسحر البطانة في الخريف... إنه الخريف كساها خضرة وروعة وجمال... ألبسها الخريف رداء السحر ..وأعطاها كلمة السر.. سر الجمال الأبدي (الخبر الأكيد قالوا البطانة اترشت) لم يكن خبراً بل كنت شاهد عيان أصيب بسحر جمالها ورأى بأم عينه لحظات كمالها.. يا لها من روعة تبعث التقديس في مهجة الأعمي والضرير.. من لم يرَ البطانة لم يرَ الجمال... لكن جمال يكاد ينتحر .. جمال يوشك على الموت بدأ اليباس والزحف الصحراوي والعطش الى تلك الديار الى أجمل الديار ... تلك المحلية الرائعة- محلية البطانة - هي حقيقة، قلب السودان النابض من مساحات شاسعة وأرض خصبة وهواء نقي جميل عليل لكن بعد دخول التنقيب الأهلي أو كما يقال التعدين العشوائي ظهرت حالات خطيرة من نفوق للحيوان، ومرض للإنسان وتغير شكل الطبيعة فيها، ومن الخطورة استعمال مادة السيانيد وبعض المواد شديدة الخطورة والسم، وجميع أنواع الكيمياء تحرق تلك الأراضى لاستخراج الذهب واستخلاصه من البيئة الطبيعية بإفسادها وادخال أمرض فيها.. هذه المحلية عاصمتها مدينة (الصباغ) التي تحتاج الى مجهود شعبي وقبلي وحكومي حتى تنهض وتقدم لأهلها الكرام أبسط مقومات الحياة التي تنعدم بها، أنها تكاد أن تختنق وتموت.. هذا نداء لجميع أهل السودان لحماية البطانة والنهوض بها لتكون أجمل محليات السودان... إنها البطانة تاريخ عميق وعبق عطر القرون، وطبيعة تحكي ذكريات أعراب أماجد عاشوا فيها.. والله المستعان.