أزيكم يا أحبابنا الما في زيكم.. ومازلنا ومازال زورقنا يمخر عباب نهر رمضان.. وكنت أود أن نتجه كلنا.. بأرواحنا وقلوبنا.. وصلواتنا.. ودموعنا وابتهالاتنا.. صوب كبد هذا الشهر العظيم.. أن نترك (الإنقاذ) طيلة هذا الشهر في (حالها)... أن نوقع معها (هدنة) (هشة) تبدأ في غرة رمضان وتنتهي في الساعة السابعة والنصف من آخر ليلة في رمضان... لتنطلق مدفعيتنا وداناتنا وقنابلنا حتى في يوم عيد الفطر نفسه.. لا نتوقف من القصف والقصف المضاد إلا عند صلاة العيد وبعدها يشتعل السماء باللهب.. كنا نود ذلك ولكن (المشاكل) تأتي لك داخل أسوار نفسك.. والوجع يطرق أبواب روحك وعيونك في الحاح والحاف.. وحبيبنا ضياء هو الذي أثار كل تلك العواصف.. فكان لابد من هذه الكلمات، وكان لابد أن تكون تحت ذاك العنوان وهو (ضياء.. تلك أيام لا أعادها الله يايوسف). أولاً... ضياء.. هو الحبيب الصديق الأنيق.. بل أنيق الحرف ثرى المفردة رصين وبديع العبارة.. الحبيب ضياء الدين بلال رئيس وقائد بأرجة (السوداني)، التي ما طوت دواليب ماكيناتها إلا وكان الحصاد إبداعاً وروعة وجمالاً.. أنا شديد الإعجاب بالحبيب ضياء.. يكاد لا يفوتني حرف واحد من نثره أو نطقه.. أٌقرأ له في نهم (المخلوع) وأشرب من جداول سلسبيله في شفقة (العطشان)، ولا أرتوي.. أتجول معه بل خلفه في كل ممرات الوطن، وهو يرسم بألوان الطيف قوس قزح لوحات فاتنة أو حتى (حزينة) حسب مقتضى الحال عن الوطن.. سعيد بكل موقف له أشتم بل أحس بطعم حلاوة الوطن، كان الأمر سياسة أو اجتماعاً أو ثقافة أو فناً أو حتى رياضة.. بالمناسبة أنا (أنزعج) مطلقاً ولا أعقب أبداً ولا أعتب على ضياء حتى عندما يكتب مشيداً أو منحازاً إلى صف (الإنقاذ) بل أقول في سري لا يهم هذا الموقف (يكف العين) هو مثل (صره الكمون) أو صورة (العقرب) مرسومة في بشاعة على سيارة فخيمة آخر موديل (لتخرج العين العنية والكافرة النصرانية)، ولتبطل سحر العيون الشريرة.. هذا هو ضياء الدين بلال. أما تلك الأيام.. هي الأيام المفزعة التي هبت على الوطن لحظة إعصار الإنقاذ.. هي الأيام والشهور والأسابيع وبعض السنوات، وإن كانت قليلة التي مرت على الوطن وعلى المواطنين بعد الثلاثين من يونيو عام 89.. أيام مفزعة وساعات مخيفة وليالي موحشة ومتوحشة وأسابيع من الخوف ودقائق من الوجع.. وأيام من الرعب وساعات من الهول والأهوال.. ورياح عاتية هائلة ومربكة.. ما سكنت ولا هدأت إلا بعد حين من الدهر طويل.. ونواصل