يقولون إن علاقات هذه الأيام لا تنبت أزاهير، ولا تدعو للكفاح والتأنق والرصانة.. علاقات هذه الأيام مثل أوراق الحلوى في البيوت الكبيرة والصغيرة.. هي فقط مجرد أوراق للسلوى والاعتياد، وذات الاعتياد قد يبدو ملمحاً اجتماعياً للكثير من الطقوس السودانية في مراسم الزواج التي ورثناها كغيرها من أجدادنا القدماء، حتى أصبحت عرفاً لا تخطئه الذاكرة، وسِبراً لا تتم من دونه مراسم الأفراح، ولكن جهل بعض النساء بفقه السترة والرضا بالخُلق والدين قد يصعب كثيراً، أو قد يحول دون اتمام الكثير من الأفراح والزيجات، بسبب ما يسمى بالبوبار الذي يرهق كاهل الشباب ويجعلهم يعزفون عن مجرد التفكير في الزواج أو الارتباط، والحقيقة إن وسائل التواصل الاجتماعي قد استغلت في الأيام الماضية بصور وفيديوهات ل(شيلة) إحدى الأسر السودانية بكل ما فيها من بذخ وترف، لينقسم رأي الناس بين مؤيد ومعارض لملامح هذا الإسراف، والذي ربما قد يؤثر في نفوس بعض الفتيات وامهاتهن في ما يخص طقوس المهر والشيلة، خاصة إذا كانت هؤلاء الأمهات من فئة (البوبارات).. وبحسب إحدى صديقاتي فقد بدأت ظاهرة جديدة تلوح في الأفق، وقد تسهم وسائل التواصل الاجتماعي في نشرها حتى تصبح عرفاً، أو فلنقل عبئاً جديداً يضاف الى أعباء العريس، خاصة في الأحياء البرجوازية وهي ظاهرة شاي لبن العريس، حيث تبدأ مراسم هذا الطقس عند الثامنة صباح يوم الزفاف، حيث تأتي العربات محملة بكل أنواع الألبان، وعدة ثرامس شاي فاخرة مميزة الألوان والتصاميم، والشاي بعدة نكهات مثل الحبهان، والنعناع، والقرفة، بالإضافة لعربة محملة بكل أنواع الخبائز من (البيتي فور والناعم) وعدة أصناف من البسكويت المختلف- وكلها موضوعة بعناية فائقة على (شيالات) تم شراؤها خصيصاً لهذا اليوم مزينة بالسلفان، وأوراق الهدايا.. كما يحرص أهل العروس على الاحتياط لمرضى السكري بجلب أنواع خالية من السكر، والفرق الوحيد بين فطور العريس وشاي اللبن هو الفئة العمرية التي تقدمه، حيث يتم اختيار الفتيات الجميلات من شباب الأسرة لهذه المهمة. وعليه تبنت بعض الأسر هذا الأمر وأصبح طقساً من طقوس الزواج الكثيرة والمرهقة مادياً، فلا حاجة لنا بعد اليوم للتذمر من عزوف الكثيرين عن الزواج، وارتفاع نسبة البطالة والعنوسة، ومعدلات الجرائم الأخلاقية، عذراً.. نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ، إذ جعلنا لمواسم الأفراح نكهة أخرى.. رجاء اعفوا الشباب من هذا الرهق والأعياد على الأبواب.