توقعت هيئة الأرصاد الجوية أن يكون خريف هذا العام مبشراً بأمطار غزيرة عكس العام الماضي، وشهدت معظم ولايات السودان أمطاراً كثيفة خلال الفترة الماضية فاقت المعدلات الطبيعية في بعض المناطق، مما تسبب في أضرار بالغة في بعض المناطق كانت آخرها أمس بمدينة أبو جبيهة بولاية جنوب كردفان، التي استمرت فيها الأمطار ليومين متتالين، مما تسببت في مصرع شاب وسقوط عشرات المنازل، وفي الوقت ذاته أطلقت الإدارة العامة للدفاع المدني تحذيرات للمواطنين على ضفاف النيل من أخذ الحيطة والحذر بعد أن أكدت استمرار ارتفاع المناسيب، وقالت إن الزيادات ستكون متتالية، تلك التحذيرات تبث القلق والخوف في نفوس المواطنين خاصة وأن فصل الخريف مازال في بداياته. عدم الجدية: عضو معهد الكوارث واللاجئين الدكتور خالد محمد مصطفى حذر من اجتياح السيول والفيضانات لبعض المناطق، وقال تعرض السودان على مر العصور الى عدد من الكوارث الطبيعية مثل الجفاف والتصحر، السيول والفيضانات.. لافتاً الى أن هذه الكوارث دائماً تقود الى آثار صحية وبيئية واقتصادية واجتماعية سالبة، وبالرغم من تكرار هذه الكوارث دورياً خاصة السيول والفيضانات، إلا أن آثارها المدمرة صارت تتفاقم في كل عام نتيجة عدم الجدية في التعامل معها بوضع الخطط والإستراتيجيات خلال مرحلة ما قبل الكارثة، أو ما يعرف بالاستعداد والتجهيز والتي من شأنها دراسة التجارب السابقة وإخضاعها للتقويم، ومن ثم تلافي أوجه القصور ووضع الإحتياطات اللازمة لمواجهة هذه الكوارث بأحدث الوسائل وأنجعها.. داعياً الى حشد الموارد المادية والبشرية لدرئها وتخفيف هذه الآثار ما أمكن ذلك. هشاشة وضعف محمد أكد أن الأمطار الغزيرة والسيول تشكل إحدى المهددات التي تؤرق المواطنين في المناطق الطرفية من ولاية الخرطوم، والتي تعاني من الهشاشة والضعف في كل ناحية سواء كان ضعفاً مادياً أو تنظيمياً ولابد من الجاهزية لأجهزة الدولة.. وأضاف محمد تعرض البلاد لموجة من السيول الجارفة والأمطار الغزيرة موسم الخريف للعام 2013م التي تسببت في حدوث خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات والمرافق العامة، وكانت أغلب الإنهيارات في القرى والمناطق الطرفية من الولاية، والتي تقع في المناطق المنخفضة وفي مجاري الأودية والخيران وخلفت تلك السيول أثار بيئية وصحية كبيرة. وطالب هيئة الأرصاد الجوية باستخدام إمكانيات في قياس كميات الأمطار والضغط الجوي والرياح، مع دعمها في إنشاء المزيد من محطات القياس وتحديث الموجود منها، والعمل على تزويدها بوسائل التكنولوجيا الحديثة واستخدام أجهزة الإتصال الجماهيرى مثل الراديو والتلفزيون لتحذير المواطنين خاصة في المناطق البعيدة والنائية، التي تفتقر الى خدمات أجهزة الإتصال الحديثة مثل التلفونات والشبكة العنكبوتية وتفعيل مشاركة المجتمعات المحلية لدرء الآثار . حصادالمياه: مع كل خريف تتكرر ذات السيناريوهات بالرغم من أن الجهات المسؤولة تعلن جاهزيتها للخريف، إلا أنه مع أول مطر تظهر الاخفاقات وأوجه القصور اختصاصي الجيلوجيا الهندسية بجامعة النيلين الدكتور عمر التاج عمر الإمام.. دعا الى ضرورة إعداد المجتمع وتهيئته للتعامل مع حالات الطوارئ، والتي تعتبر من النقاط الجوهرية في الإستعداد المبكر لكوارث الفيضانات والسيول، إذ أن المجتمع الذي يعي دوره، وماذا يفعل عند حدوث الكارثة تكون الخسائر فيه أقل من المجتمع الذي يفتقر للتنظيم والوعي. والعمل على إقامة المشاريع الرامية الى الإستفادة من مياه السيول قبل وصولها الى الأماكن السكنية، (مشاريع حصاد المياه) مثل إقامة السدود والخزانات الحفائر، إقامة المشاريع الزراعية وتقوية قنوات الري بها، إقامة الآبار الإرتوازية في مناطق تجمعات المياه لزيادة المخزون الجوفي من المياه واستخدامه وقت الحاجة إليه، وأضاف التاج حصاد المياه يعتبر ضمن المشاريع التي تؤهل المناطق الطرفية وتمنع التزاحم والهجرة للعاصمة، وتنمي المناطق الطرفية، ويتمثل ذلك في الولايات الغربية والشرقية والجنوبية، وحصاد المياه بتلك المناطق يشكل حماية للولاية الشمالية بما في ذلك ولاية الخرطوم، ويقلل من الكوارث بتضافر الجهود وأهمية مراجعة القوانين المتعلقة بإدارة وإجراءات الحماية، خاصة في ما يتعلق بالسكن في مجاري السيول وحرم الأنهار والخيران، وذلك لتلافي أوجه القصور والثغرات ويمكن أن تسهم في وضع خطط الطوارئ المستقبلية. تحذير: حذر مدير إدارة الدفاع المدني الفريق شرطة هاشم حسين المواطنين القاطنين على ضفاف النيل والجزر وفي حرم الأنهار، من مغبة التساهل في التعامل مع خريف هذا العام، وكشف حسين في تصريح ل(آخر لحظة) عن جاهزية قواته للتصدي لأي طاريء في كافة ولايات البلاد، وناشد المواطنين بالحفاظ على الممتلكات والأموال وإبعاد أطفالهم عن مناطق الخطر تفادياً للغرق والصعقات الكهربائية، داعياً كافة منظمات المجتمع المدني لاستنفار عضويتهم وتكامل الجهد الرسمي مع الجهد الشعبي لمجابهة خريف هذا العام، وأضاف أن الدولة رصدت ميزانية مفتوحة ضمن بند الطوارئ لإدارة الدفاع المدني، ووفرت احتياجات الإيواء وجبر الضرر في الممتلكات الخاصة والمرافق العامة.