أعُود اليوم للكتابة بعد توقف أمتد لأكثر من (5) سنوات كانت هي سنوات تكليفى بتأسيس قناة الخرطوم الفضائية، والإنطلاق بها من تلفزيون أرضي إلى قناة فضائية في تحدٍ كان صعباً ولكننى قبلته بروح أهل الصحافة المحبه للتحدي ... فخرجت حينها من صحيفة آخر لحظة التي كنت أكتب فيها عمودي هذا لأُباشر عملي هناك، وبجواري صحفي آخر هو د. محمد عوض البارودي الذي كان وزيراً للثقافة والإعلام بالولاية وقتها، والذي أدهشني بنموذجه المختلف بين الوزراء، فكنا عندما ننتظره في بوابة التلفزيون ونفتح له الباب للدخول بسيارته نتفاجأ به ينزل من (ركشة)... وكنا عندما نعود ليلاً نجده يطلي بنفسه غرفة البث وغيرها ... وفي أحيان كثيرة كان يخرج ويودعنا وهو يشير لمركبة عامة ممتلئة بالركاب فيمتطيها ويمضي.. وعندما سألته مرة قال لي إنني في سنوات وجودي في بريطانيا، كنا نرى عمدة لندن بجلالة قدره يركب القطار في أغلب مشاويره، ويترك سيارته للمشاروير التي تقتضي أن يستخدمها فيها، كما وجدت بالقرب مني الوالي المدهش د. عبد الرحمن الخضر، الرجل الذي لم يكن ينام عندما كان والياً للخرطوم ولا يتركنا ننام، فهو يمكن أن يأتيك في أي وقت من الليل أو يتصل عليك في الساعات الأولى من الصباح ليطمئن على سير العمل، والذي كان مشفقاً عليّ خاصةّ وأن اللجنة التي كونها من الخبراء لوضع دراسة لإنشاء القناة، وضعت له أرقاماً كبيرة جداً للتكلفة تعجز الولاية عن الوفاء بها، ومما ساعدني أيضاً معرفة الرجل المميزة بالإعلام واهتماماً به كما وجدت بجانبي الحبيب د. نضال عبد العزيز المدير الحالي للقناة الذي خلفني قبل أشهر والذي كان مديراً للإعلام بالولاية وقتها، والذي كان متحمساً لدعم تجربتي وإنجاحها... فانطلقنا كمجموعة بالتلفزيون وبذات أجهزة ومعدات التلفزيون الأرضي إلى الفضاء، وبذات الميزانية القديمة بلا زيادة. وهنا أشكر الأستاذين لؤي بابكر صديق، ومجدي عوض صديق اللذين وقفا معي لنتجاوز مشكلة الإمكانات بالتوظيف الجيد لإنطلاقتها في الفضاء بشكل جاذب، مما جعل الولاية بعد عام تطمئن وتعيد النظر في قناعتها بأن تزيد من ميزانيتها وتعمل على المحافظة عليها . المهم أنني أعود للكتابة في ذات الصحيفة الحبيبة إلى نفسي (آخر لحظة) وأنا أكثر سعادة بها وبالصديق الأستاذ/ عبد العظيم صالح رئيس تحريرها الذي يقودها باقتدار وبالطاقم العامل بها... أعود وأنا أكثر سعادةً بقرائها.