يحمد للجنرال عبدالرحمن الصادق المهدي الشاب الذي وجد نفسه فجأة بحسابات سياسية في القصر الرئاسي مساعداً لرئيس الجمهورية، أنه شكل حضوراً لافتاً في الساحة خلال فترة وجيزة بدينماكيته وحيويته التي جعلته الحاضر الفاعل في كثير من المناشط، والمطور بالسرعة الكبيرة لقدراته الخطابية، والذي بتطويره لقدراته صار يعرف في كل محفل كيف يختار عباراته ورسائله ببساطة وعمق، لينفذ بها الى ما يريد توصيله، وهو على عكس أبناء مولانا الميرغني لم ينتظر تفويضاً يملأ مساحته، مما جعل المنظمات والفئات المجتمعية تقربه إليها... ثم صار لا يتهيب المقابلات الإعلامية والمخاطبات الجماهرية، ويتحدث فيها ببساطته المعهودة دون أن ينتقي العبارات و(يعثم) الخطابات... وقد اختار المهدي الشاب الجنرال أمس عندما منح فرصة الحديث في الجمعية العمومية للحوار الوطني، أن يخاطب والده من خلالها في رسالة مؤثرة وبليغة.. فالسياسة في السودان عندما تدخل عبر بوابات الجوانب الإنسانية تكون أكثر فاعلية وتأثيراً، فجاءت كلمته معبرة وهو يدعو والده للعودة للبلاد، ويقول له (إن ديار الغربة مابتشبهك وبتشبهك السكنى في أم درمان) ويذكر له حاجتهم إليه أنها رسالة مؤثرة من ابن لأبيه.. فالشاب الجنرال استفاد من تجربته العملية وسط السياسيين وصار يعرف كل ينفذ لما يريد عبر مختلف البوابات، وظل حريصاً على تحقيق الوفاق الوطني.. ومعروف أن والده/ الإمام الصادق لعب دوراً كبيراً في التأثير على قوى نداء السودان، وتحويلها من مربع هتاف إسقاط النظام بالقوة الى مربع الحوار، في ظل أجواء انحياز المجتمع الدولي للحوار وضغطه تجاهه للوصول الى سلام شامل بالسودان.. بل ذهب للقول بعقلانية عندما طالع توصيات مؤتمر الحوار الوطني إنها جاءت فوق توقعاتنا وهكذا الصادق.. كان صادقاً مع نفسه ولم يكابر.. وبالتأكيد أن توقيع الصادق ومن معه من المعارضين على خارطة الطريق يعني الانتقال الى مربع جديد في الحياة السياسية السودانية، وسيحمد التاريخ ويحفظ للرئيس البشير أنه قاد البلاد اليه في حكمة بتقديم نموذج افريقي في الحوار غير مسبوق... فالحوار الوطني بشموليته لكل قضايا الوطن وبمشاركة كل أطياف البلاد في شقيه الذي دار بقاعة الصداقة والآخر المجتمعي المفتوح الفضاءات في ساحات الوطن وخارجه مع المغتربين، أرسى أدباً جديداً في السياسة تجاوزنا به محطة المائدة المستديرة، التي كانت حول قضاياه محدودة الى كل هموم الوطن وقضاياه بلا استثناء. آخر الكلام من الذين أعجبت بهم وبقدراتهم العالية وروحهم المميزة في التعامل مع قضية الحوار الوطني، وأنا أتابع مسيرته السابقه المهندس ابراهيم محمود حامد، ذلك الرجل الذي ظل يتحدث بلغة وروح كان لها أثرها الطيب جداً في دفع الحوار للإمام، وظل يتعامل مع الصحفيين بذكاء يخدم الأهداف التي أطلق الرئيس البشير من أجلها الحوار (برافو) ابراهيم محمود.