٭ كان الفنان التشكيلي الدكتور الراحل أحمد عبد العال (عليه الرحمة) زميل دراسة لي في مدرسة (وقر) الثانوية، كنا نتقاسم حجرة واحدة في داخلية بها أكثر من مائة طالب، كان الراحل الحبيب من الطلاب المجتهدين، وكان يرفض دائماً أن تطفأ الأنوار في وقتها المحدد، لأنه يود أن يواصل استذكاره للدروس، وكنت أتمنى أنا أن تطفأ الأنوار في وقت مبكر لأني أود أن أنام، فعرضنا ذلك إلى الكثير من المشاكسات البريئة، أذكر أننا إلتقينا بعد أن مضت سنوات في منتدى راشد دياب، فمازحني قائلا إنه سيطلب من الدكتور راشد أن تطفأ الأنوار قبل التاسعة مساءً لأن بيننا شاعر تعود أن ينام مبكراً، ثم إنفجر ضاحكاً ٭ أبلغ القصر الرئاسي في جمهورية مصر العربية الكاتب الكبير نجيب محفوظ عن حصوله على جائزة نوبل، ويقال إن محفوظ تلقى المكالمة وهو جالس في أحد مقاهي القاهرة يتناول فنجان قهوته الصباحية، بعدها واصل الكاتب الكبير دردشته العادية مع أصدقائه في المقهى وكأن شيئا لم يكن، ذكرني ذلك بالكاتب العملاق الطيب صالح، أذكر أني التقيته مرة في منتصف الستينات داخل إحدى استديوهات الإذاعة، فحياني وكأنه يعرفني منذ سنوات، مع أني أعلم تماماً أنه لم يرني في حياته قط، ولكن هكذا العظماء، ترى عليهم وداعة الأطفال وهم في أعماقهم عمالقة. ٭ كنت من المغرمين بكتابة شعراء المهجر، كان جبران خليل جبران هو كاتبي المفضل، خاصة كتابه (الأجنحة المتكسرة) كنت أكاد أن أحفظه عن ظهر قلب، وفجأة تكشفت قصة حبه المؤلمة للكاتبة اللبنانية مي زيادة، وكيف أنها كانت تضع له مكانة خاصة دون غيره من أدباء الوطن العربي، وخاصة الكاتب الكبير العقاد الذي كان يهيم بها حباً، إلا أن جبران هجرها إلي حب امرأة أجنبية، فأصابها ذلك بانتكاسة عاطفية ألزمتها إحدى المصحات النفسية في لبنان ومن يومها لم أعد أقرأ كتاباً لجبران. ٭ نظر إليها وهي مكومة على سرير خشب قديم وقد أخذت منها السنين ما أخذت فسرح بعيداً وهو يتذكرها صبية ضاحكة العيون، طويلة الضفائر، تذكر أنه كان يتبعها لينال منها بسمة في آخر المشوار، ثم توفى والدها، ثم لحقت به والدتها، فوجدت نفسها أمام مسؤولية تربية أخوتها الصغار، تقدم لها أكثر من رجل إلا أنها رفضتهم جميعاً، كان مستقبل إخوانها أهم لديها من كل شئ، جاهدت معهم ليل نهار إلى أن تخرجوا من الجامعات على يدها، تزوج منهم من تزوج وهاجر منهم من هاجر، الذي عذبني أن واحداً منهم لم يذكرها بزيارة في عيد، فأعاد النظر إليها وهي مكومة على سريرها الخشبي، بكاها في صمت. ٭ قالت له : ما رأيك في مقطع من الشعر يقول : (لم يعرفوا لون السماء لطول ما أنحنت الرقاب) قال لها أن الذين ينحنون للظلم لا يثورون عليه، يسمحون لجنازيره أن تتمشى على بساتينهم وهم كأنهم موتى بلا قبور، والذين ينحنون أمام الأخطبوط يسمحون لأذرعه السوداء أن تمتد إلى طفلة يغتالون فيها البراءة، يستحقون الإعدام شنقا فى شارع عام، أما الذين يخونون عشرة أحباب قدامى هؤلاء هم سدنة النكران الذى سيجعل من عسل أيامهم موائد للسراب. ٭ هدية البستان امتحن كل الحبايب امتحن كل العزاز ما حتلقى حبيب سواي دمعو نازل ليك رزاز