من بستان الكلام الأيام خمسة يوم مفقود.... وهو الأمس ويوم مشهود... وهو اليوم الذي نحن فيه ويوم مورود... وهو غداً ويوم موعود... وهو آخر أيام الإنسان في الدنيا ويوم ممدود... وهو يوم القيامة نعم نحن مع الأيام ...حيث نعيش في هذه الأيام العشرة الطيبة المباركة من ذي الحجة... والفجر وليالي عشر.. حيث تتواصل الأيام والذكريات.. ونحن في مثل هذا اليوم الطيب المبارك من العام الذي مضى تحركت بنا الحافلة من مدينة الحجاج بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بصحبة طيبة من سودانيين وجنسيات من مختلف البلدان الإسلامية.. تحركت بنا الحافلة بملابس الإحرام والكل يبتهل... لبيك اللهم لبيك... لبيك لا شريك لك لبيك ...فهنيئاً لكم حجاج هذا العام، والسلام عليكم من بلد السلام وأنتم في أرض السلام.. وإن شاء الله حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً ...وعوداً حميداً... القارئ العزيز: أتابع باستمرار قناة العربية وصباح العربية...الأخبار..وفيروز تغني... ولبنانوبيروت دائماً على بالي وستظل على بالي... فإذا بخبر تناقلته الوكالات وتصريح للسياسي اللبناني البارز سمير جعجع... وهو يقول بكل أسى أن الدولة تحولت الى سلطة محلية.. عادت بي الذاكرة فجأة الي أبريل من عام 2007م عندما عدنا من بيروت برفقة الشيخ الزبير أحمد الحسن وزير المالية في تلك الأيام... وتجددت الذكريات في عام 2010م عندما عينت إحدى جميلات لبنان ريا حفار الحسن وزيرة للمالية، وكانت الدولة اللبنانية قد شهدت استقراراً نسبياً... عادت بي الذكرى فكتبت عنها وعن بيروت.. ومن ارشيف اليوميات في 20/10/2010 يومية بيروت دائماً على بالي... حملت الأنباء اسم ريا حفار الحسن كوزيرة لمالية أجمل البلدان العربية على الاطلاق.. جاء اسمها من ضمن التشكيلة الجديدة للحكومة اللبنانية التي ولدت بعد مخاض.. حكومة سعد الحريري نجل رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الذي أغتيل قبل سنوات قليلة، وخلفه فؤاد السنيورة والذي كان وزيراً شهيراً لمالية لبنان، حيث زارنا هنا في السودان لدعم العلاقات الاقتصادية اللبنانية السودانية.. عندما سمعت اسم الوزيرة تذكرت بيروت التي زرتها في شهر ابريل من العام الماضي... أبريل الشهر الذي اعتادت البلدان العربية أن تعقد فيه اجتماعات سنوية شهيرة، اجتماعات وزراء المال والاقتصاد العرب، واجتماعات الصناديق العربية، ودرجنا على حضور هذه الاجتماعات ... إنها بيروت عروس الفكر والخيال، تستضيف ذلك التجمع العربي المهم دعماً وتعضيداً لها من الدول العربية.. علاقتنا بهذه المدينة ترتبط بألوان الذكريات فقد زرتها من قبل وتعلقت بها، وتابعت أخبار حروبها وقذف القنابل وتابعت أحلك فترات هذه المدينة الجميلة إبان الحرب الأهلية الطاحنة وكتبت دمعة على خد لبنان... نزلنا بيروت وها نحن نلتقط أول مشاهد من بيروت بعد الحرب الاسرائيلية اللبنانية حرب (التدمير والفتك) الاسرائيلية ضد الشعب اللبناني، كما لم يكن مقدراً لبيروت وبقية لبنان التقاط الأنفاس والحصول على قسط من الراحة والهدوء.. ولكن بيروت تؤكد استمراريتها ولا تكف عن أن تحيا حياتها الغريبة، وما هو أغرب رغبة السكان التي لا تقاوم في مواصلة مسيرة العيش بوتيرة طبيعية مهما تكن الظروف غير مواتية.. حقاً أنها مدينة تبعث باستمرار.... بيروت تهدمت سبع مرات وفي كل مرة كانت تنهض من الركام وتستعيد روعتها.. قدر هذه المدينة أن تعيش وتعيش من جديد.. يمر الغزاة وتنهض المدينة بعد رحيلهم.. بيروت ماتت ألف مرة وألف مرة عادت الى الحياة. في إحدى الزيارات رافقنا سائق لبناني اسمه غسان فصيح، كلهم فصيحون ومثقفون تثقيفاً عالياً.. المواطن العادي ذو ثقافة عالية.. فهم من بلد الفكر والخيال والثقافة والعلم والمعرفة، حيث تنمو فيها دور النشر مثل نبات العطر ... صادفنا قيام معرض الكتاب الدولي بضاحية الرديس، فمعرض الكتاب في بيروت له طعم خاص وقيمة معنوية كبيرة، وقد أقيم في أكثر المناطق التي دائماً ما يستهدفها العدو تدميراً.. إنه التحدي ضد الهمجية والبربرية والتحدي الأكبر من لبنان... تناصرها عواصم الثقافة العربية.. القاهرةوالخرطوم... القاهرة تكتب... بيروت تطبع وتنشر... الخرطوم تقرأ ... السحر الحقيقي لهذه المدينة يكمن في زرقة البحر... البحر أزرق واضح تخالطه بعض بقع الزمرد، إذا نظرت أمامك لوحة رائعة أشبه ما تكون تلك التي تشكلها أشهر مدن البحر المتوسط... إذ تسبح المدينة في مياه تداعبها أمواجها وتنتشر أحياءها فوق التلال ...أما وسطها فإنه يزدان بالمآذن الرائعة التي تعلو المساجد والصروح المهيبة والدور المبعثرة وقناة المنار التي أعيد بناؤها.. أيام معدودات ولم تفارقنا الدهشة، ونحن نتجول على شواطيء البحر المتوسط.. وبنفس المشاعر غادرنا بيروت الحالمة الساحرة، وكان في تلك الأيام الحصار حول مبنى الحكومة... والجبل.. وعالية والحمراء والأساطير القديمة والثوب الجديد.... بيروت الحكايات الشعبية القصيرة والفداء والتضحيات... بيروت التاريخ... وفي طريق العودة ونحن نغادر بيروت التفت الى زملاء الرحلة، فما أمتع السفر بالرفقة.. وقلت لهم نودع مدينة تكاد تنفجر في أول لحظة... نودع مدينة روح التحدي هي السبب في بهجتها.. ونشوة وحلاوة الصمود في مواجهة جار عدو شرس يعتدي ويغير عليها دائماً... عدو خسيس لا يعرف معنى الحياة الإنسانية ولم يستطع أن يكسر إرادة وكرامة هولاء الناس، أو يقلل من رغبتهم في الحياة... إنها بلد غربية حتى الديموقراطية فيها غربية.. أنها بيروت من أجمل المدن التي زرتها... أنها بيروت دائماً على بالي.. وفي داخل الطائرة الاثيوبية ونحن عائدون قلت لرفقاء الرحلة الجيلي أحمد عبدالقادر الآن المستشار الاقتصادي بسفارة السودان بطرابلس.. ويسن فضل السيد... والمضيفات الأثيوبيات يرحبن بنا بالأمهرية... أشي ...كبراتو ...كبراتنه... قلت لهم نحن نتجه الآن الى أديس أبابا ...لنقارن ونتأمل في جمال طبيعة البلدين ونستمتع بجمال المعرفة والطبيعة ونركع للمولى عز وجل .. فما أعظمك يا إلهي تسدل سترك وترسل عافيتك ....،،،ت/0912304336