اورشليم القدس: اعتبرت مدينة اورشليم القدس رمزاً روحياً عميقاً للسماء، وقد تنبأ أشعياء النبي العبراني عن المستقبل المجيد لاورشليم بعد الدينونة، ويقول أشعياء: اِسْتَيْقِظِي \سْتَيْقِظِي! \لْبِسِي عِزَّكِ يَا صِهْيَوْنُ! \لْبِسِي ثِيَابَ جَمَالِكِ يَا أُورُشَلِيمُ \لْمَدِينَةُ \لْمُقَدَّسَةُ لأَنَّهُ لاَ يَعُودُ يَدْخُلُكِ فِي مَا بَعْدُ أَغْلَفُ وَلاَ نَجِسٌ. اِنْتَفِضِي مِنَ \لتُّرَابِ. قُومِي \جْلِسِي يَا أُورُشَلِيمُ. \نْحَلِّي مِنْ رُبُطِ عُنُقِكِ أَيَّتُهَا \لْمَسْبِيَّةُ \بْنَةُ صِهْيَوْنَ. مَا أَجْمَلَ عَلَى \لْجِبَالِ قَدَمَيِ \لْمُبَشِّرِ \لْمُخْبِرِ بِالسَّلاَمِ \لْمُبَشِّرِ بِالْخَيْرِ \لْمُخْبِرِ بِالْخَلاَصِ \لْقَائِلِ لِصِهْيَوْنَ: »قَدْ مَلَكَ إِلَهُكِ!« صَوْتُ مُرَاقِبِيكِ. يَرْفَعُونَ صَوْتَهُمْ. يَتَرَنَّمُونَ مَعاً لأَنَّهُمْ يُبْصِرُونَ عَيْناً لِعَيْنٍ عَُِنْدَ رُجُوعِ \لرَّبِّ إِلَى صِهْيَوْنَ. أَشِيدِي تَرَنَّمِي مَعاً يَا خِرَبَ أُورُشَلِيمَ لأَنَّ \لرَّبَّ قَدْ عَزَّى شَعْبَهُ. فَدَى أُورُشَلِيمَ. قَدْ شَمَّرَ \لرَّبُّ عَنْ ذِرَاعِ قُدْسِهِ أَمَامَ عُيُونِ كُلِّ \لأُمَمِ فَتَرَى كُلُّ أَطْرَافِ \لأَرْضِ خَلاَصَ إِلَهِنَا. (اشعياء 52 :2،1 ، 7-10) وتدعي اورشليم هنا اورشليم الجديدة، اورشليم المقدسة هكذا كان اسمها في سفر الرؤيا آخر اسفار الكتاب المقدس، والذي كتبه يوحنا الرائي سنة 100م، وهو في خلوته في منفاه في جزيرة بطمس وهو يقول: ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضاً جَدِيدَةً، لأَنَّ \لسَّمَاءَ \لأُولَى وَ\لأَرْضَ \لأُولَى مَضَتَا، وَ\لْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ. وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ \لْمَدِينَةَ \لْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ \لْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ \لسَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ \للهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا. وَسَمِعْتُ صَوْتاً عَظِيماً مِنَ \لسَّمَاءِ قَائِلاً: »هُوَذَا مَسْكَنُ \للهِ مَعَ \لنَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْباً. وَ\للهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلَهاً لَهُمْ. (رؤيا 21 : 1-3) وواضح هنا أنا اورشليم المذكورة ليست اورشليم التي نعرفها، انها موقع آخر، هي ليست من الأرض إنما من السماء، هي صورة، الصورة الرمزية التي فيها استرداد للفردوس، وفيها تحقيق للثينوقراطية اي حكم الله فهي اختراع الهي مجيد، وحضور للسماء، سكانها هم المفديون الذين عاشوا لله في الأرض ومن ثم يتمتعون بالحياة مع الله في السماء، وفي سفر الرؤيا يقود الملاك يوحنا الرائي لكي يريه العروس ويقول: وَذَهَبَ بِي بِالرُّوحِ إِلَى جَبَلٍ عَظِيمٍ عَالٍ، وَأَرَانِي \لْمَدِينَةَ \لْعَظِيمَةَ أُورُشَلِيمَ \لْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ \لسَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ \للهِ، لَهَا مَجْدُ \للهِ، وَلَمَعَانُهَا شِبْهُ أَكْرَمِ حَجَرٍ كَحَجَرِ يَشْبٍ بَلُّورِيٍّ. (رؤيا 21: 11،10).أمومة أورشليم: وكانت فكرة اورشليم السمائية المدينة المقدسة، التي سوف تأتي بكامل زينتها من السماء، فهي من رسم السماء، ومن تخطيط الله نفسه، فكرة واضحة جلية عند بولس الرسول، فهو يرى أن أورشليم الحالية وطن مستعبد، أما اوشليم السماوية فهي وطن حر، وقال: وَكُلُّ ذَلِكَ رَمْزٌ، لأَنَّ هَاتَيْنِ هُمَا \لْعَهْدَانِ، أَحَدُهُمَا مِنْ جَبَلِ سِينَاءَ \لْوَالِدُ لِلْعُبُودِيَّةِ، \لَّذِي هُوَ هَاجَرُ. لأَنَّ هَاجَرَ جَبَلُ سِينَاءَ فِي \لْعَرَبِيَّةِ. وَلَكِنَّهُ يُقَابِلُ أُورُشَلِيمَ \لْحَاضِرَةَ، فَإِنَّهَا مُسْتَعْبَدَةٌ مَعَ بَنِيهَا. (غلاطية25،24:4)، أما عن أمومة اورشليم فإن بولس وفي نفس رسالة غلاطية يقول: وَأَمَّا أُورُشَلِيمُ \لْعُلْيَا، \لَّتِي هِيَ أُمُّنَا جَمِيعاً، فَهِيَ حُرَّةٌ. (غلاطية26:4)، فأورشليم الجديدة التي رآها يوحنا الرائي، هي مدينة الحرية وهي أم لكل المؤمنين، أمومتها لنا أمومة حانية، وأرضها هي أرضنا، وسماؤها هي سماؤنا، إنها المدينة التي يتحرر فيها المؤمن من كل استعباد مكافأة له لأنه كان أميناً في حياته.وصور بولس حياة كل القديسين على مر التاريخ، على أنهم كانوا يعملون لكي يكون لهم نصيب في أورشليم السمائية، وأنهم كانوا يتطلعون إلى هذه المدينة الإلهية، ويقول عن ابراهيم انه: بِالإِيمَانِ تَغَرَّبَ فِي أَرْضِ \لْمَوْعِدِ كَأَنَّهَا غَرِيبَةٌ، سَاكِناً فِي خِيَامٍ مَعَ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ \لْوَارِثَيْنِ مَعَهُ لِهَذَا \لْمَوْعِدِ عَيْنِهِ. لأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ \لْمَدِينَةَ \لَّتِي لَهَا \لأَسَاسَاتُ، \لَّتِي صَانِعُهَا وَبَارِئُهَا \للهُ. (عبرانيين 11 : 10،9) وقد أخذ بولس كل محبيه، متطلعاً نحو أورشليم السمائية، وقال لهم: لأَنَّكُمْ لَمْ تَأْتُوا إِلَى جَبَلٍ مَلْمُوسٍ مُضْطَرِمٍ بِالنَّارِ، وَإِلَى ضَبَابٍ وَظَلاَمٍ وَزَوْبَعَةٍ، بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ \للهِ \لْحَيِّ: أُورُشَلِيمَ \لسَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ، (عبرانيين 12 : 22،18) .وهو في هذا يقارن بين موسى عندما استلم لوحى العهد، وبين المؤمن الموعود بالمدينة المقدسة اورشليم السمائية، التي صانعها وبارئها ومخططها هو الله.