بعد أسابيع قليلة من زيارة النائب الأول لرئيس دولة الجنوب الجديد تعبان دينق للخرطوم وتعهده للحكومة بطرد الحركات المتمردة على الحكومة بما فيها الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار في غضون 21 يوماً، نشرت آخرلحظة خبراً مفاده استدعاء سلفاكير ميارديت رئيس حكومة الجنوب لقيادات قطاع الشمال في جوبا. ولكن الخبر رغم أهميته في هذا التوقيت لم تنفه أي جهة لتأتي الحركة أخيراً، وبعد أربعة أيام من نشر الخبر لتصدر بياناً تؤكد فيه المعلومة بتعبير آخر وهو قولها أنها اختتمت زيارة إلى عاصمة الجنوب بدعوة من سلفا. حجم الوفد: من المؤكد أن أهمية الزيارة تنبع من حجم الوفد والتوقيت الذي أتت فيه وهو تزامنه مع وجود الحركة الشعبية المعارضة بالخرطوم مستشفياً وختام الحوار الوطنى بالسودان الذي من المفترض أن يقود لسلام دائم ووقف الحرب لتكشف الحركة الشعبية شمال أن وفدها ضم رئيسها مالك عقار والأمين العام ياسر عرمان ورئيس هيئة الأركان اللواء جقود مكوار ونائب رئيس هيئة الأركان للعمليات وقائد الجبهة الثانية اللواء أحمد العمدة بادي لتعطي اللقاءات التي تمت بعداً إضافياً للزيارة، حيث التقى وفدها بالرئيس سلفاكير ونائبيه إلى جانب وزير الدفاع كوال مجانق جوك وعدد من قادة الأجهزة الأمنية. ماتم في الزيارة: بالرغم من أن وفد الحركة الشعبية غلب عليه الطابع العسكري والأمنى بالإضافة إلى أن الاجتماعات التي جرت ووفقاً لبيان الشعبية تمت مع مسؤولين أمنيين، إلا أنها أشارت أي الحركة إلى أن اللقاءات تناولت بالنقاش المستفيض إمكانية ورغبة دولة جنوب السودان في دعم العملية السلمية في السودان وإنهاء الحرب و إجراء مشاورات حول تنفيذ الاتفاق الذي توصل إليه وزيرا الدفاع في الدولتين بصدد فتح المعابر ومراقبة الحدود وإنشاء قوات المشتركة بين البلدين. ولم تفصح حركة عقارعن ما إذا ناقشت مع قيادة الجنوب طلب الخرطوم بطردها من الأراضي الجنوبية واكتفت بالقول إنها غير متواجدة هناك. اتهامات من حركة مشار: المعارضة التي يقودها رياك مشار قالت إن زيارة وفد الحركة الشعبية قطاع الشمال إلى الجنوب بهدف الحصول على السلاح، وإن سلفاكير يريد الاستفادة منها لدعمه ضد معارضية ميدانياً، واعتبرت البيان الصادر عن الحركة الشمالية بأنه يهدف لكسب الوقت وإيهام حكومة السودان بان جوبا تنفذ مطلوباتها بطرد الحركات ، مضيفة على لسان العقيد نيارجي رومان نائب الناطق الرسمي للحركة أن التقارير الاستخباراتية تقول إن الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار مازالت تنسق عسكرياً مع حكومة سلفاكير ولها معسكرات هناك أي في الجنوب. تحجيم النشاط: الخبير الإستراتيجي الفريق أول ركن محمد بشير سليمان بدأ متفائلاً بشأن الزيارة، وقال لاشك أنها تأتي في إطار ما تعهدت به دولة الجنوب مع السودان عند زيارة تعبان دينق بإبعاد أو حسم وجود الحركات المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية والتي من بينها الحركة الشعبية قطاع الشمال، متوقعاً أن تشمل مخرجاتها إخراج الحركات المسلحة من الجنوب أو التزامها بعدم القيام بأي نشاط عسكري ضد السودان مع إيقاف دعمها لوجستياً وتدريبها في حالة قبول إيوائها بدولة الجنوب. تشجيع الأمن: وأشار الخبير سليمان إلى أن خطوة جوبا بوقف دعم الحركات تعني تشجيع ودفع استباب الأمن وخفض حالة الاقتتال والصراع التي تعيشها دولة الجنوب ضد معارضيها خاصة ريك مشار النائب الأول السابق لسلفاكير الذى تهدف إلى إيقاف أي إسناد عسكري له من دولة السودان، معاملة بالمثل وتنفيذاً حقيقياً للاتفاقيات الأمنية، وزاد إذا تمت عملية طرد المتمردين على الشمال وتحجيمهم واقعاً فسوف يكون له الأثر الكبير في دفع عملية مفاوضات السلام بأديس أبابا بين أطراف الصراع بحسبان أن الإجراءات التي وعدت بها دولة الجنوب سوف تضعف من موقف الحركة الشعبية التفاوضي، إذ أن فقدانها موطئ قدم لها بدولة الجنوب سيجعلها محاصرة وفاقدة للأرض أو الدولة التي كانت تأويها. طموحات تعبان: الخبير الأمني العميد معاش حسن بيومي سار في قراءة الزيارة على نسق مشابه للفريق أول ركن محمد بشير، وقال إن تعبان دينق وبصفته نائباً أولاً سيتفاهم مع الحركة الشعبية قطاع الشمال تنفيذاً لما تعهد به في سبيل الوصول إلى حلول سلمية، مضيفاً أن دينق يحاول بناء مستقبله السياسي بهذه الخطوات وأن المستقبل في الجنوب سيكون لصالحه لأنه بالغ الذكاء ولا استبعد أن يتفق مستقبلاً مع د. رياك مشار الذي كان قيادياً رفيعاً في حركته المعارضة، مسترسلاً أن تعبان دينق سيحقق نجاحات مرضية لكل الأطراف وطموحاته تفوق كل قيادات دولة الجنوب.