اصر كاتب شاب ان يقرأ لي قصة كتبها واحتفى بها كاملة ومن بعد ادلي بدلوي فيها, لم احبذ فكرته, لكن اصراره جعلني منهارا وغير قادر على قول اي شئ بل الانصياع, وما ان انتهي , حتى اطلق تنهيدة طويلة وقال لي ( ايه رايك؟) وبدون تردد قلت له قصتك لا تصلح للنشر ؟ تفاجأ وشعر بانني وقحاً, فقال لي بالمناسبة انا افضل من حمور زيادة نفسه, فقلت لا انت مثل حمور لذا قصتك لا تصلح للنشر وهو فعلا ذكرني برواية شوق الدرويش فكلاهما نسخة مخيبة للكتابة السودانية وكلاهما يمثل نموذجا للكاتب المنبطح فحمور الذي يتغني به الكثيرون الان باع نفسه لثقافة ظلت تهيل التراب على كل شئ له صلة بالسودان, الذي شبهه في روايته سيئة الذكر شوق الدرويش ان العطن والعفن يفوح منهما, وان السوداني كائنا قبيحا غليظ الشفاه, هذه بعض الصور التي حاول حمور و القاص الشاب تصديرها للناس عنا, ولو قدر لهما ان يختارا بلدا ينتميان اليه لسقط السودان عمدا عندهما, لكل هذه الاسباب وغيرها لا يمكن ان اساهم في نشر اية اساءة لبلدي واهلي الذين احبهم وافخر بالانتماء اليهم. الشاب استغرب كلامي وحاول وضعي في زاوية ضيقة عندما قال لي ان رواية حمور فازت بجائزة كاتب كبير اسمه نجيب محفوظ. فسالته: في حال صور حمور المجتمع المصري بنفس الصفات التي جاءت في روايته هل ستفوز؟, قطعا لا, لان العمل الادبي لا ينفصل باي حال عن السياق الايديولجي والاجتماعي وفي حال كتب حمور جملة واحدة ضد مصر تاريخها او راهنها شعبها او حكومتها لن يجرؤ على تقديمها الى لجنة تحكيم مصرية, فليس هناك شعب يقبل ان توصف اماكنه التاريخية التي ظل يتغني بها ويمجدها باوصاف لاتصدر الا من عدو, رواية حمور وكاتب القصة تفوح منهما رائحة العنصرية , فقد شُنت حروب طاحنة وضروس وكُتبت كتابات وانُتجت افلام ومسلسلات للترويج ان السلاسة البيضاء هي الاقدر والانبل والاعظم ومادونها رعاع, فاذا صدق كاتب القصة وحمور من قبله هذه الترهات يبقى ان حظهم من المعرفة صفر كبير لان العلم اثبت بطلان هذه الدعاوي والخرافات القديمة, فهل السوداني مهيأ بالفطرة ليستعبد كما حاول الكاتبان اثبات ذلك؟