* حالة )سودانية نموذجية( بامتياز.. تلك الأزمة القائمة بين هيئة تنمية الصناعات الولائية وزبائنها الذين اشتروا (حافلات) النقل الصغيرة (مني بص)، في إطار برنامج الوالي السابق عبد الرحمن الخضر لدعم الحرفيين وتمليكهم مصادر للدخل. *الأزمة بحسب الناطق باسم ملاك الباصات – صينية الصنع- تكمن في أنها مخالفة للمواصفات.. كيف؟.. هم لا يملكون سوى ملاحظاتهم الشخصية على أداء تلك الباصات.. وهذه طبعاً مسؤولية مؤسسة مهمة وكبيرة هي هيئة المواصفات والمقاييس، التي (من المفترض) أن لديها من أدوات الكشف والتحقق التي تفصل في الأمر.. لكن تجارب العارفين والخبراء تقول إن هذه الهيئة أصبح – بل كان- همها الأول والأخير هو (تستيف الأوراق) واستلام المعلوم- من الجباية- وتسليم صاحب الحاجة الشهادة المطلوبة.. يعني شغل على الورق أكثر من كونه فحصاً وتحققاً في واقع الأمر أو الشيء موضوع المواصفة. *المعضلة والأزمة نشأت، بحسب خبير عليم ومتابع، تحدثت إليه أواخر الأسبوع الماضي.. بعد أن نشرت الزميلة السوداني (مواجهة) بين مدير الهيئة والناطق باسم الملاك الاثنين الماضي.. فالهيئة، وفي استعجال غير مفهوم عمدت إلى بيع وتسليم هذه الباصات إلى أشخاص بعضهم يستحق وبعض آخر لا يستحق.. خلافاً – للخطة الأصلية للمشروع- فهناك من اشترى هذه الباصات بغرض (الاستثمار)، بينما استهدف المشروع أصلاً الحرفيين و(السواقين) على وجه الخصوص.. فالمستثمرون الذين لديهم القدرة على الدفع، كان عليهم – كما قال محدثي الخبير- أن يأتوا بسائقين لقيادتها إما بالإيجار أو نظير جزء من دخلها وريعها معلوم.. وهؤلاء (السواقين) كان همهم الأساسي هو تحقيق أكبر قدر من المال كل يوم، دون النظر في عدد ساعات العمل التي يجريها الباص، كما أنهم بدروهم كانوا يكلفون زملاء لهم بمواصلة العمل على الباص عندما يصيبهم الرهق.. وهو ما يعرف في عرفهم ب (الجوكية) نظير مبلغ مقطوع ومعلوم، ويحدث أن يتبادل ثلاثة "سواقين" في اليوم الواحد على الباص، على نظام (الشَدَّة). *محدثي الذي تعاون (كمستشار) مع الولاية منذ أن بدأت في مشروع الباصات الكبيرة (باصات الوالي)، والصغيرة أبلغني بأن الباصات من حيث المواصفات لا غبار عليها، إذا ما وجدت العناية المطلوبة وتوفرت لها قطع الغيار الأصلية الضرورية، وهذه مسؤولية (الوكيل) الذي همه الوحيد، كما يبدو، كان إتمام (الصفقة) مع الولاية دون اكتراث للتبعات ومسؤولياته (القانونية) التي تلزمه بتوفير الاسبيرات.. لذلك وجد المشترون والحرفيون الذين تملكوا البصات أنهم في مواجهة مشكلة، يلجأون لحلها- تحت إلحاح العمل- إلى شراء قطع غيار غير أصلية ، أو ما يعرف (بالاسبيرات التجارية) وهذه لا تصمد كثيراً وقد تترتب عليها مشكلات فنية تزيد الطين بلة. *شكا الناطق باسم الملاك من أن الباصات (قصيرة) وقريبة من الأرض ولا يزيد ارتفاعها عن (شبر واحد).. لاحظ عبارة (شبر) وليست سنتاً أو بوصة.. وعلمت في ما علمت أن الحد الأدنى لارتفاع الباصات التي تعمل بالمدن هو (24 سنتاً).. ذات الشبر تقريباً.. وهو ارتفاع قصد به المصنعون أن يكون الباص مناسباً لصعود الركاب ونزول الركاب بسهولة ويسر، بينما الأمر يختلف بالنسبة للبصات السفرية التي يعمد المصنعون إلى جعلها عالية، لأن الركاب عادة ما يصعدون إليها مرة واحدة في محطة التحميل ولا ينزلون منها إلا في المحطة النهاية أو لمرة أو اثنتين على الأكثر في محطات الإستراحة على الطريق. (يتبع)