وجه الطرافة في مناظرة كلينتون وترامب المُنعقِدة مساء أمس، هو الحديث عن روسيا- الشيوعية سابقاً- كمؤثر قوي على مسار الإنتخابات الأمريكية التي ستجرى بعد أقل شهر. وجه الطرافة أيضاً في ظهور المرأة، كأحد أهم المؤثرات الكامِنة، التي يفور بها الشعور العام.. ولمّا كانت المعركة تعتمد على الدعاية الضاخبة، فإن النُّخبة في كِلا الحزبين، لن تتخلى عن أي عنصر يحرِّك الرأي العام لصالح صندوقها الانتخابي.. المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في مناظرة الأمس، شابهت دعاية حزبنا الحاكم، التي ترى أن الشيوعيين هم السبب في كل البلاوي، فهي تتهم الروس بالتجسس والتخابر، والتأثير على الانتخابات الأمريكية لصالح مرشح الحزب الجمهوري.. قالت كلينتون خلال المناظرة إن الروس يفعلون ذلك للتأثير على الانتخابات لصالح ترامب، في حين أن الدعاية الرسمية عندنا، تتكِل كل عَوَج على الرِّفاق.. بدأت المناظرة دون مصافحة، وكان موضوعها الأبرز هو موقف المرشح الجمهوري- ترامب- من المرأة، وموقف بيل كلينون زوج هيلاري من المرأة.. وبعد كل كسب ممكن، من تلك التراشقات الفضائحية التي تستحوذ على اهتمام الرأي العام، تقاطرت موضوعات السياسة الساخنة. في المناظرة الأولى التي تابعها 84 مليون من مشاهدي التلفزيون، دفعت كلينتون غريمها ترامب إلى وضع دفاعي، ضيع عليه فرص الاستفادة من الوقت المتاح له، للفت انتباه الحضور لما يعتبره نقاط الضعف في منافسته.. في مناظرة ليلة الأمس، كانت عقدة الصراع هي حديث مسجّل لترامب عن النساء، أفصح بمزاج شبابي عن رغباته الكامِنة... وقد علّق ترامب على ذلك في المُناظرة قائلاً، إنه لا يتباهى بالتحرش، ولم يكن فخوراً بما جرى على لسانه داخل غرفة مغلقة, وأضاف: (لا أقبل أن ألمس أياً منهن، دون موافقتها). وتعهد ترامب بالقضاء على تنظيم داعش، وهدد كلينتون بسبب ما أشيع عن فضيحة بريدها الالكتروني قائلاً: (ستكونين في السجن إذا أصبحت مسؤولاً عن هذا البلد). أما كلينتون، فقالت:(أعدكم بالعمل مع الجميع)، واعتبرت ما قاله ترامب، ممّا يؤكد أنه ليس الشخص المناسب، ليكون رئيساً للبلاد ورئيساً للأركان.. وهاجمت كلينتون ترامب، مؤكدة أنه(كان دائماً يقلل من شأن النساء، ويستهدف المهاجرين وذوي الإعاقات). وقالت إن المرشح الجمهوري لا يعتذر أبداً، وقد هاجم عائلة الجندي الذي قتل بالعراق بسبب ديانته، وأبدت كلينتون تأييدها لإنشاء مناطق آمنة في سوريا، متعهدة بالتحقيق في ارتكاب روسيا جرائم حرب، دعماً لبشار الأسد.. وقالت إنها تؤيد الجهود الرامية للتحقيق (في جرائم الحرب التي ارتكبها السوريون والروس وتحميلهم المسؤولية). يواجه ترامب تآكلاً في شعبيته داخل حزبه حتى قبل كشف النقاب عن تسجيل الفيديو المُشار إليه، والذي يتحدث فيه بعبارت فجّة عن النساء، وضعَ ذلك الفيديو لجنة الحزب الجمهوري الانتخابية، في وضع صعب، ومن غير المتوقع أن يتخلى ترامب عن الترشح، ليسمح لزعماء الجمهوريين، باختيار بديل له، وكتب ترامب مغرِّداً على صفحته يوم أمس: (الإعلام والمؤسسة يريدان بشدة أن يرونني خارج سباق الرئاسة - لن أنسحب من السباق قط ولن أخذل أنصاري قط).. وقال ترامب في تصريح صحفي.. لن أنسحب أبداً وأضاف: (أحظى بدعم رائع، في حين أن هيلاري كلينتون مرشحة تحفل بعيوب رهيبة).. وانتهت المناظرة الثانية بمجاملة بين المتنافسين، حيث قالت كلينتون إنها رغم اختلافها مع ترامب إلا أنها تحترم أبناءه وكونه أباً... من جهته، وصف ترامب منافسته هيلاري بأنها مقاتلة شرسة، بعد جولات وصفها فيها بأنها (شيطانة)!! بعد أقل من شهر تظهر المفاجأة وتحكم أمريكا إمرأة، أو يحكمها رجل، ناقص عقل ودين..!