عندما تدخل جامعة الأحفاد للبنات، تستحضر تاريخ مشرف لتعليم النساء في بلادي، وينتابك شعور بالفخر بأن لنا السبق عن كثير من الدول في تعليم النساء، ومابين استنارة ووعي الشيخ/ بابكر بدري الأنصاري المجاهد في جيش المهدي في القرن التاسع عشر لينشئ مدرسة تعليم بنات في 1907 عند منحنى النيل في رفاعة، لتكون رفاعة مركز إشعاعٍ حضري، ويأتي من بعده يوسف بدري (العميد) لينقل كلية الأحفاد للبنات الى كلية الأحفاد الجامعية في 1966م، والبرفيسور قاسم بدري عالم النفس الشهير الذي أوصلها الى جامعة يشار إليها بالبنان بين جامعات العالم للبنات، الجامعة التي أسسها المجتمع السوداني عندما نقارنها بالجامعات التي أنشأها المستعمر، نجد الفرق في خريجيها، فالأحفاد تخرِّج خريجات لخدمة المجتمع وتطويره.. أما الجامعات التي أسسها المستعمر تخرِّج تروساً تعمل في تسيير الدولة، وهنا نجد الفرق الشاسع بين المؤسسة الوطنية، وبين الصنيعة الإستعمارية، واستناداً إلى فلسفتها القائمة على سد حاجة المجتمع للخريجين، ابتكرت تخصصات غير موجودة في مؤسسات التعليم العالي الأخرى، مثل مدرسة رياض الأطفال، والتغذية، ومدرسة التنمية والإرشاد الريفي، وطبعاً علم النفس الكلية الأشهر . بروفيسور قاسم شخصية جديرة بالاحتفاء بتواضع العلماء، تدخل مكتبه العريق فتجد طالبات من نيجيريا وتشاد واريتريا، أما فتيات جنوب السودان هن سودانيات كاملات الدسم كلهن بناته، فهو ينطبق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن أحبكم إليّ أحاسنكم أخلاقاً الموطؤون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون) تجد البروف كالمايسترو يدير السيمفونية التاسعة لبتهوفن التي تخاطب قيم العدل والمساواة والفرح، تجده يكتب خطاب توصية لهذه، ويحدث تلك عن كيفية إعادة التقديم، وينصح أخرى تريد أن تحول من كلية الى كلية، ويخفض رسوم طالبة يتيمة.. كل هذا دون منٍ أو أذى ولا كلل ولا ملل، والمؤكد أنك ستجد بروفيسور قاسم في أغلب مناسبات الخرطوم الاجتماعية يجامل في اليوم الواحد ثلاث أو أربع مناسبات، ومن تفرد الأحفاد نجد أن أول من تقلدت عمادة كلية الطب في كليات الطب البشري بالسودان هي بروفيسور لمياء الحسن في 2013م، وتجد في الأحفاد مواءمة بين الأصالة السودانية والحداثة الغربية في تماهٍ مدهشٍ. لم تركن الأحفاد إلى التاريخ التليد، بل دفعت في اتجاه المستقبل لتعقد توأمةً مع الجامعة الأمريكية ببيروت، ومن أجل استيفاء متطلبات تلك التوأمة، تعمل الجامعة الآن على تطوير نظام المعلومات واعتماد طريقة (اللا ورق)، ليتم التعامل عبر شبكة البيانات، ولكل طالبة حساب على الشبكة اللالكترونية، وفي نفس الوقت تتم اجراءات إقامة مبنى جديد للمختبرات الطبية على أحدث مستوى، ونُطالب شخصي ولفيف من السودانيين الأكارم أن يتم تكريم البروفيسور قاسم تكريماً قومياً يليق بما قدمته هذه العائلة العريقة، ونحن موقنون بأن تكريم قاسم بدري هو تكريم للسودان، وأن الأوسمة تزدان إن وضعت على صدره.