الحراك العالمي لمنظمات المجتمع المدني، والتي ظلت عقب الحرب العالمية الثانية تلعب دوراً مؤثراً وكبيراً في توجهات الدول بمختلف أنظمتها في إطار الأسرة الدولية، وحققت منظمات المجتمع المدني تقدماً مضطرداً في مؤسسات الأممالمتحدة المتخصصة، وأصبح لها الدور الأكبر في توجيه وصناعة القرارات الدولية وترتيب المواثيق والعهود. في ظل تنامي دور التضامن والتكامل بين دول وشعوب العالم لتحقيق المصالح المشتركة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، بدأت أفريقيا توجهاً وحدوياً في إطار المنظومة الدولية والتكتلات الإقليمية والجغرافية والدينية للدفاع عن مصالحها الحيوية، والحفاظ على حقوقها وحماية شعوبها. منذ فجر الاستقلال ظل السودان يلعب دوراً حيوياً وفاعلاً في القارة الإفريقية، فقد قام بدور مؤثر في دعم ومساندة حركات التحرر في الدول التي كافحت من أجل استقلالها، وسجل السودان حضوراً مشرفاً في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية والاتحادات والوكالات المتخصصة الثقافية والعلمية والاقتصادية، ومن خلال موقعه الجغرافي الرابط بين شمال القارة وعمقها الجنوبي ظل السودان يمثل جسر التواصل العربي الإفريقي والتواصل الإفريقي ودول الجوار الأوربي في البحر الأبيض المتوسط. انعكس هذا الدور المتميز في علاقات منظمات المجتمع المدني السوداني مع نظيراتها من دول القارة، تفاعلاً ايجابياً في مجالات العون الإنساني والعون المدني وحقوق الإنسان.. في هذا الإطار وفي الظروف التي يمر بها السودان خاصة قضية الاستفتاء المصيرية، والتي تتأثر بها القارة بأكملها في حالة الانفصال، شهدت الخرطوم عدداً من الملتقيات والمؤتمرات التضامنية لدول القارة مع السودان، ففي الفترة القصيرة السابقة انعقد مؤتمر التضامن العربي الإفريقي في 27 سبتمبر، وأيضاً انعقد مؤتمر الاتحاد العام للمنظمات العربية في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، وتجرى الآن فعاليات المؤتمر الثاني لمنظمات المجتمع المدني الإفريقي الذي تنظمه المجموعة السودانية لحقوق الإنسان برعاية السيد نائب رئيس الجمهورية، وتمت الدعوة لأكثر من أربعين شخصاً من الناشطين في مجال العمل الطوعي، وحقوق الإنسان، وناشطي منظمات المجتمع المدني الإفريقي، لمناقشة عدد من الأوراق جاءت موضوعاتها مصوبة نحو الأوضاع التي يمر بها السودان، وأهداف أفريقيا العليا، فجاءت ورقة العمل الأولى تحت عنوان وحدة الأنظار الإفريقية والأخطار الراهنة وتناولت ورقة البحث الثانية دور الإعلام في تحقيق التضامن الإفريقي وتناولت الورقة الثالثة موضوع الساعة وهو حق الاستفتاء عن تقرير المصير وفقاً للمعايير الدولية حالة جنوب السودان نموذجاً، والورقة الرابعة والأخيرة تناولت الصراع الأجنبي على موارد القارة ومصالح الشعوب الإفريقية سوف تكون محل تداول فكري عميق من الخبراء والمتخصصين من علماء ومفكري القارة، وتخلل المؤتمر في أوراقه الرسمية عدد من النشاط المصاحب، حيث شهدت قاعة الصداقة في اليوم الأول للمؤتمر ندوة كبرى عن المحكمة الجنائية الدولية، قدمها الخبير القانوني الدولي والباحث في تجربة المحكمة الجنائية الدولية الدكتور/ ديفيد هويل البريطاني الجنسية، ومؤلف عدد من الكتب حول القانون الدولي والمحكمة الجنائية، وروج لأفكاره المناهضة في عدد من المحافل الدولية في أوربا والولايات المتحدةالأمريكية. من أهم أحداث ومجريات المؤتمر عقد جلسة إجرائية ظهر اليوم الثلاثاء لإجازة النظام الأساسي للمؤتمر، وتكوين الآلية التنفيذية الدائمة لعمل المنظمات الإفريقية، والتي تمثل الأمانة العامة لمتابعة القرارات والتوصيات والإعداد للمؤتمرات العامة لعضويتها من الدول الإفريقية، وذلك تحقيقاً وتنفيذاً لمقترح المؤتمر الأول الذي انعقد بالخرطوم قبل عامين وأوصى بتقديم مقترح الآلية. وبنهاية المؤتمر وانجاز مهامه فإن السودان ممثلاً في المجموعة السودانية لحقوق الإنسان يكون قد وضع حجر الأساس لواحدة من أهم مكونات الوحدة والتضامن الإفريقي. ولله الحمد،،،،