تفاقمت مشكلة العمالة الأجنبية بالبلاد مؤخراً، وأصبحت هاجساً يؤرق السلطات، وأصبح دخول الأجانب في الآونة الأخيرة في ازدياد مضطرد، وبأعداد كبيرة، بالرغم من مجهودات وزارة العمل لوضع الضوابط والاجراءات للحد من دخول عمالة غير مطلوبة، حفاظاً على التوازن في سوق العمل الوطني، وفي الآونة الأخيرة أضحت العمالة الأجنبية الزائدة والتي تأتي دون الحاجة اليها تؤثر في حجم البطالة، التي تعمل الدولة ممثلة في وزارة العمل جاهدة الى تقليصها، طبقاً لموجهات التدريب والاحلال. دخول العمالة الوافدة مسؤولية تقع على عاتق جهات متعددة، تتمثل في وزارة العمل، شؤون الاستقدام، ووزارة الداخلية، متمثلة في الجوازات دائرة شؤون الأجانب، وجهاز الأمن الوطني، وعليه أن دخول أي عمالة غير مطلوبة يؤدي الى خلق مشاكل لهذه الجهات، لكن من خلال التجربة وتتبع مسيرة العمالة الوافدة منذ تفجر البترول، وفتح أسواق للاستثمار، والمشاريع الكبرى، الأمر الذي تطلب استجلاب عمالة فنية مدربة لتعمل جنباً الى جنب مع العمالة المحلية، هذا التلاحم والتواجد جنباً الى جنب أفرز الكثير من الملاحظات. هنالك الكثير من الأسباب التي أدت لازدياد العمالة الأجنبية بالبلاد دون الحاجة اليها: اصدار التصديقات للعمالة دون التقيد باللوائح والقوانين المنظمة لذلك، الأمر الذي أغرى البعض لادخال عمالة بأعداد كبيرة دون وجود وظائف لها، مع تقديرنا لتصديقات متخذي القرار لدخول عمالة أجنبية، تلاحظ أن هناك أعداداً دخلت البلاد زائدة عن الحاجة، خاصة العمالة المتدنية القدرات، وهذا يرجع الى عدم وجود آليات للضبط والتحكم في هذه العمالة، بعد دخولها السودان، الأمر الذي أدى الى خلق الكثير من المشاكل للسلطات المختصة. تلاحظ عبر التجربة أن هناك تصديقات للعمالة الأجنبية استجلبت لتعمل بالولايات المختلفة، إلا أن بعض حاملي التصديقات من أصحاب النفوس الضعيفة ينتهي دورهم بادخال العمالة وتركها بالخرطوم للبحث عن العمل بطريقتها الخاصة، مما أحدث إخلالاً في بنية المجتمع، وخلق مشاكل في المجال الأمني، والاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي، والأخلاقي والثقافي-غياب أي آلية للضبط تعمل بالتنسيق مع شؤون العمل لمنع هذه الظواهر السالبة جعل الظاهرة تزداد سوءاً، خاصة بالنسبة للعمالة الآسيوية-عدم وجود قوانين رادعة بالنسبة للأجانب الذين يعيشون في البلاد دون تقنين أوضاعهم الهجرية بالحصول على اقامة وتصديق، أدى ذلك الى الاستهوان من قبل الأجانب والجهة التي استجلبتهم بالتمادي في عدم استكمال الاجراءات الهجرية الصحيحة لتقنين وجودهم بالبلاد، وأدى ذلك أيضاً الى عدم استكمال السجلات الخاصة بالأجنبي الوافد للعمل داخل البلاد- ولذا نقول لابد للجهات ذات الصلة أن يكون لها تنسيق فيما بينها عبر شبكة معلومات لضبط الوجود الأجنبي بالبلاد، لتوازن أعداد العمالة الوافدة وتخصصاتهم مقارنة بما هو متوفر في سوق العمل الوطني ولمعرفة الاحتياجات الفعلية المفيدة للبلاد. في اعتقادنا الجازم أن الإدارة العامة للجوازات متمثلة في إدارة شؤون الأجانب وإدارة المراقبة مع اطلالة العام الجديد أن تكثف جهودها لتكون أكثر دقة وانضباطاً في التحكم في عملية دخول الأجانب، حيث انها تمثل الجهة التي تصدر تأشيرات الدخول لأي أجنبي قادم للبلاد.. من جانب آخر يعتبر صدور القرار الوزاري رقم (10) لعام 2010 من وزارة العمل قراراً في الاتجاه الصحيح لضبط دخول العمالة الأجنبية، وتحديد منفذها عبر مكاتب الاستقدام المصدقة والمعتمدة لدى وزارة العمل، وقد حدد القرار أن مكاتب الاستقدام مثل مكاتب التخليص الجمركي. هناك الكثير من السلبيات والمعوقات في مجال العمالة الأجنبية، وهذا يحتاج الى دراسة مستفيضة وتعاون تام بين الجهات ذات الصلة لعمل مسح تام لهذه الظواهر للوقوف على الانعكاسات السلبية والإيجابية في مجالات عدة منها، الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، ولا يفوتنا هنا أن نشيد بمجهودات ومساعي وزارة العمل عبر إدارتها- شؤون العمل للأجانب- ومسعى الوزارة الدؤوب في سياساتها وبرامجها التي بدأتها منذ العام 2010 للضبط والتحكم في العمالة الوافدة عبر الوسائل التقنية واستخدامات الحاسوب، لبناء قاعدة معلوماتية لتحديد الاحتياجات الفعلية للمهن المتنوعة المطلوبة من الخارج، بالإضافة الى اهتمامها ببرامج التدريب وتأهيل الكادر السوداني هذا البرنامج الذي سيبدأ في بداية هذا العام.