كل المؤتمرات والمنتديات وورش العمل التي عقدت حول العمالة الأجنبية الموجودة بالبلاد في العام 2009، نبعت من اهتمام المجلس الوطني، عبر لجنة الحسبة العامة، وجهاز الأمن والمخابرات الوطني، ووزارة الداخلية، ووزارة العمل، بالإضافة إلى عدد من المنتديات مثل منتدى رادان، والحلقات التلفازية، والإذاعية، والتحقيقات الصحفية... والمقالات التي تناولت بالتفصيل أثر العمالة الأجنبية التي دخلت البلاد في السنوات المنصرمة، كل هذه الحلقات مجتمعة كانت بمثابة استكشاف الأسباب والمسببات، ومستقبل هذه الظاهرة المتنامية، التي تسببت في إفرازات سلبية وإيجابية، باتت تؤثر على التركيبة الديمغرافية للسكان، هذا بجانب الآثار التي لحقت بالمجالات السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والاجتماعية.. بل جعلت الجهات والسلطات المختصة في حيرة من أمرها، تجاه تدفق بعض الأعداد دون الخضوع للضوابط، والإجراءات السليمة لدخول العمالة داخل البلاد. فقد برزت العديد من الملاحظات والأفكار من خلال أوراق العمل والتحليلات التي تتناول ظاهرة العمالة الأجنبية بكل أبعادها، السلبية والإيجابية، حيث برزت ممارسات الاستقدام العشوائي للعمالة الآسيوية المتدنية القدرات، وكشفت أوراق العمل عن تمركز هذه العمالة في أطراف ولاية الخرطوم، ويتم تسريبها إلى سوق العمل لتعمل في الوظائف الهامشية، في قلب الشوارع الرئيسية بالمدن الثلاث، مما يعد مزاحمة حقيقية للعمالة الوطنية من فئة الفاقد التربوي. ومنذ دخول العمالة الأجنبية للعمال مع ببعض الشركات الوطنية والاستثمارية، لم تلتزم هذه الجهات بمسألة التدريب للعمالة السودانية على أيدي العمالة الأجنبية الأمر الذي يعد خرقاً واضحاً للأهداف التي أتت من أجلها العمالة الاجنبية كما نصت عليه إحدى مواد قانون استخدام غير السودانيين لعام 2001م، وثمة ثغرة أخرى: قيام بعض وحدات القطاع الخاص بالتعيين المباشر للعمالة الأجنبية دون مراعاة للضوابط والشروط التي وضعتها وزارة العمل، لصيانة حقوق الكوادر السودانية التي تحمل تخصصات تماثل المستجلب من العمالة الأجنبية، ومن جهة أخرى فإن مسألة إعادة النظر في قانون استخدام غير السودانيين، وقانون الاستثمار، وحتى الآن لم تتم مراجعة القانونين لمنع التضارب بينهما. وإذا ذهبنا للإجراءات الهجرية المتعلقة بتأشيرة دخول الأجانب، خاصة الوافدين للعمل.. من منافذ الدخول والوصول عبر المواني البحرية والجوية، وحتى من دول الجوار، ونوعية تأشيرة الدخول زيارة أو عمل وفترة السماح، وما يمكن اتخاذه من إجراءات مع المخالفين من الأجانب بعد انتهاء فترة وجودهم، حسب التأشيرة الممنوحة سبب هذا هاجساً للسلطات المختصة، مما أتاح فرصة للجهات التي إستجلبت الأجانب وإيواءهم وتسريبهم لسوق العمل المحلي، دون خضوع الأجانب للإجراءات والضوابط الصحية.. عموماً، فإن هنالك ترتيبات ستصدر من وزارة العمل من أجل تقنين دخول العمالة الأجنبية سيشهدها عام 2009، هذه الترتيبات تتضمن إسناد الإجراءات حسب الضوابط التي تضمن الإحصاء الدقيق للوافدين من العمالة المطلوبة من أصحاب العمل والشركات الخاصة لأصحاب مكاتب الاستقدام المكاتب المرخصة والمعتمدة من وزارة العمل في مجال استقدام العمالة.. لكن الأمر يحتاج أيضاً للوصول إلى تنظيم استجلاب العمالة، إلى تضافر جهود من جهات متعددة لها صلة بالعمالة الوافدة، مثل وزارة الداخلية الجوازات، ووزارة الإستثمار، وجهاز الأمن والمخابرات الوطني، والأجهزة الشرطية.. لتصحيح مسار ظاهرة العمالة الأجنبية، ووضع ضوابط للسيطرة.. حتى لا يختل التوازن بين المطلوب من العمالة الأجنبية وطالبي الوظائف من العمالة الوطنية. نواص