السيد/ علي محمود وزير المالية والاقتصاد الوطني.. لك التحايا والود والسلام.. ومرة أخرى نكتب لك.. وهذه المرة.. ليس حروفاً.. ولكنها جداول من شكر.. وسحب من إشادة.. وأمطار من ثناء.. دعنا سيدي الوزير.. نشد على يديك.. شكراً وتهاني.. ولأننا شعب مدهش.. نبيل وفريد.. ولأننا شعب من السماحة واللطافة والقيافة.. ولأن «الحاجة السمحة الصغيرة بتفرحنا».. لا نجد من التراتيل السماوية بديلاً لتجلجل في ردهات وزارة المالية احتفاء.. بلمسة التعاطف الوجداني الإنساني النبيل.. مع شعب السودان.. الذي يصطلي.. يوماتي بسعير نيران تكاليف الحياة.. المتجهمة العابسة وأنت تتنازل.. طوعاً من سيارة «الحكومة» موفراً لنا ومن «قروشنا» ثمن السيارة وتكلفة الوقود.. وأعباء الصيانة.. نعم إنها لمحة ولفتة صغيرة.. ولكني اعتقد أنها شاسعة واسعة.. بمدى غير محدود.. دعنا نضعها سيدي الوزير في خانة التعاطف الإنساني البديع.. معنا وفي محنتنا.. ولكن.. تبقى سيدي هذه اللفتة.. ضمن منظومة.. الفكر «الهيجيلي».. بل هي لمحة من جمهورية أفلاطون.. أو هي درس من دروس «الطوباوية» وأحلام المدينة الفاضلة.. وكل هذه المدارس قد انهارت كحائط هده زلزال.. أمام مدارس الواقعية.. والتطبيق الذي يمشي على الأرض.. إذاً ما العمل.. هنا نقول.. بل «الحكومة» هي التي تقول.. إن البلاد وبعد الانفصال.. الذي لا ينتطح عنزان في حتمية وقوعه.. ستفقد خزينة الدولة.. نبعاً.. وسيجف ضرعِ ظلت «ترضع» فيه الإنقاذ وبعدها الأحبة في حكومة الوحدة الوطنية.. وحدهما.. والنتيجة النهائية لذلك.. إننا.. كوطن وشعب مقبلون على فترة «ناشفة» وصارمة من التقشف.. هنا ندعوك سيدي.. أن تخاطب رئيس الجمهورية ليس عبر «الورق» والمذكرات.. بل شخصياً.. «رأس برأس» وفي حجرة مغلقة عليكما وحدكما.. أن تطلب منه وبعد أن تطلعه على «البير وغطاها» تطلب منه أن يأمر في صرامة.. ولسقف زمني محدود.. من كل الوزراء والدستوريين.. تسليم عرباتهم الحكومية فوراً.. واستعمال عرباتهم الخاصة.. ثم تطلب منه إيقاف بند «النثريات» وتلك «البدلات اللعينة».. ثم اختصار تلك الموائد.. التي تستحلب ترياق هارون الرشيد.. وصدقني سيدي الوزير.. إني قد «شفت» بعيوني.. وتذوقت بلساني.. وملأت بطني.. في موائد الوزراء العامرة.. عند رحلات العمل.. أو افتتاح المنشآت.. تذوقت أصنافاً وأشكالاً من الطعام.. لم أره حتى في الأفلام الأمريكية التي يتم تصويرها في «بفرلي هيلز».. بل إني ومرة وعلى مائدة إفطار في رمضان.. أقامها لنا ونحن بالمئات.. دستوري رفيع.. صدقني إني ما عرفت شيئاً أو أسم شيء في تلك المائدة.. غيرالخبز.. ثم تطلب منه.. إيقاف تلك النوافذ المشرعة أبداً على خزينة الدولة.. المشرعة الأبواب.. أمام هؤلاء «يعني» أن يكون مرتب ومخصصات أي دستوري.. أي والٍ.. أي وزير.. مرتباً واحداً.. وليس كما تلك «الطواقي» مرتب في «أمانة كده».. ورئيس مجلس إدارة «كده».. ثم ما حكاية تلك الأموال.. التي يتصدق بها هؤلاء.. أو يتبرع بها أولئك وهي «قروشنا» نحن شعب هذا الوطن المسكين.. سيدي الوزير.. لست أدري لماذا أراك مختلفاً.. ولست أدري.. لماذا أنا بك متفائل.. كل الذي أرجوه أن يكون ظني في محله.. وأن تكون حاستي «السادسة» صادقة وبلورية.. لذا أطلب منك.. أن تواجه «حكومتك» وزملاءك في شجاعة وصرامة.. فالدولة.. كانت- وأظنها لا تزال- تعيش ترف إمارة موناكو.. أو ثراء كالفورنيا.. والأمثلة أكثر من عدد رمال كلهاري.. وأنت عارف وأنا عارف.. والشعب السوداني عارف كيف هو الترف الأسطوري.. الذي يتقلب فيه الذين يديرون حياة الناس البائسة.. «بس أمسك ليك» أي كرت تهنئة.. أو احتفال.. أو دعوة.. لترى العجب.. مضفوراً بالحريرة.. والخيوط المذهبة.. وكم هي مرات.. ومرات تلك «الكروت» التي احتفظت بها كمقتنيات باهرة.. بعد أن أدهشت أبنائي وألجمت ألسنتهم.. من العظمة التي تشع من عيونها المطبوعة على ورق صقيل.. سيدي الوزير.. قل للدستوريين والوزراء.. هذه هي شروطنا.. من أراد العمل بها مرحباً وأهلاً وسهلاً.. ومن لم يرد.. مع السلامة.. وأنا واثق سيدي الوزير.. أن هناك وبالآلاف من عضويتكم.. عضوية المؤتمر الوطني.. على استعداد أن تعمل معكم بربع مرتب هؤلاء وبعشرة في المائة من المخصصات والنثريات.. أفعل ذلك حتى نصدقكم فعلاً.. إنها هي لله.. لا للسلطة ولا للجاه.