ذكرنا في المقال السابق .. سر عدم انشغال الحزب الشيوعي الصيني خصوصاً بالتبشير بأفكار الحزب وفتح منافذ الاستقطاب داخل الصين أو خارجها. ويعتمد بدلاً عن ذلك للإحاطة بالشعب الصيني عن طريق الحاشدات المؤثرة في المجتمع كأركان أساسية ومصادر عضوية فاعلة، يغذي بها أوصال الحزب الممتدة وتتمثل تلك الواجهات أو الحاشدات في الآتي:- العمال وعصبة الشبيبة والمرأة.. تتمتع هذه الواجهات بقدر عالي من الاستقلالية عبر لوائح ونظم تعمل على تحقيق أهدافها النوعية وتطوير عضويتها ودعم الولاء الوطني والاقتصاد والاستقرار السياسي، ولكنها مشدودة بأواصر تنظيمية ذكية بالحزب الشيوعي وتشكل له قاعدة عملية لإنجاح البرامج القاعدية وتفرخ له قيادات تمكن من تواصل الأجيال وتوازن النوع داخل المؤسسة الحزبية.. إذا علمنا أن عضوية اتحاد نساء الصين تبلغ «640» مليون امرأة منها «76» ألف كادر متفرغ وأن عضوية اتحاد نقابات عمال الصين تبلغ «240» مليون عضو تعمل تحتها «1970» منظمة عمالية قاعدية، بالإضافة إلى «676» مؤسسة نقابية في القطاع الخاص، كأكبر اتحاد عمال على مستوى العالم، في حين أن عضوية عصبة الشبيبة تبلغ «79» مليون من الشباب والطلاب من الجنسين ولها فروع قاعدية ينتظم فيها «311» مليون من الشباب في الفئة العمرية «14-29 سنة» تعمل على إطلاق المسابقات والمنافسات الشيقة والسعي لاستمالة الشباب عبر شبكات الاتصال كافة وباستخدام كل اللغات الحية والهوايات والسعي لحفز الشباب والنساء لاكتساب مهارات حرفية، وتأمين واستمرارية التعليم، والعمل لإيجاد حلول لمشكالهم إذا علمنا بتلك الطليعة المحدودة على كافة مؤسسات البلاد. يعتمد الحزب الشيوعي الصيني الحاكم «النظام الديمقراطي» في قيادة البلاد، وذلك بإشراك الأحزاب الحية في الحكم وقيادة البلاد، من خلال المشاركة المباشرة للأحزاب المتضامنة بوزراء في الحكومة التنفيذية ومن خلال التشاور حول القضايا الحيوية بالبلاد أنشأ الحزب الشيوعي الصيني «المؤتمر الاستشاري السياسي» الذي تمثل فيه القوى السياسية الفاعلة في الصين، ويقرر المؤتمر في القضايا الوطنية الكبرى والمسائل التربوية وينظر في الرسوم والضرائب. تعتمد الصين نظام الحكم الذاتي للأقاليم والمقاطعات لإحسان إدارة بلد مترامي الأطراف، كثير السكان متنوع القوميات، وذلك من خلال ثلاثة مستويات: المقاطعة والمحافظة ثم المدينة، وتتولى القوميات الأكبر عادة مناصب الحكام والمحافظين، مع اعتماد نظام التوأمة بين الأقاليم بغرض التكامل في تطوير المناطق الأقل نمواً. يعتني الحزب الشيوعي الصيني عناية فائقة بالتدريب والتأهيل لرفع قدرات الكادر السياسي، بحيث أنه يستحيل أن يتدرج الكادر السياسي ويترقى للمواقع التنظيمية الأعلى قبل استيفاء الدورات الحتمية المقررة وجرعات تدريبية متقدمة دورياً.. تعمل في التأهيل والتدريب السياسي في الصين حوال «230» مدرسة كادر سياسي متخصصة، يعمل بها «150» ألف معلم، تعمل هذه المدارس بطاقة تدريب بعدد «واحد مليون و 360» ألف كادر حزبي في الدورة الواحدة. مدرسة الكادر مجهزة بكافة الاحتياجات المطلوبة من قاعات للدرس وسكن فاخر للمتدربين ومكتبات رقمية ومراكز معلومات وتقنية وأجهزة لوجستية وإدارية. تعد مدارس الكادر الحزبي الدارسين في مجالات كتابة التقارير السنوية والدورية وآداء المهام الفنية والإدارية كالإحصاء والانتخابات والتعبئة العامة وتطوير مهارات الموهوبين وذلك عبر دورات قصيرة وطويلة المدى في المجالات المتنوعة، وتمنح بعض مدارس الكادر درجة الماجستير في التخصص بالتعاون مع الجامعات الصينية وتتعاون مع دول كندا وفيتنام وأوربا في هذا المجال. يهتم الحزب الشيوعي الصيني اهتماماً بالغاً بتطوير العلاقات الخارجية للحزب باعتباره عندهم أحسن السبل لتقوية العلاقات مع دول العالم وتلاقح التجارب.. وتعتبر دائرة العلاقات الخارجية بالحزب من أكبر وأعرق الدوائر حيث تم تأسيسها في عام 1951م. تمكن الحزب الشيوعي الصيني من خلال الانفتاح على العالم الخارجي بالزيارات لقياداته، أو استقدامه ودعوته لما يسمى بالوفود الاستطلاعية للدول الصديقة، استطاع الحزب أن يبني علاقات جيدة مع حوالي «500» حزب وفعالية تقع في «160» دولة، منها «18» دولة أفريقية على رأسها السودان الذي يتعاون مع الحزب الشيوعي الصيني عبر بروتكول تعاون مع المؤتمر الوطني تم توقيعه عام «2007م»، يجري تجديده مطلع العام الحالي بالتزامن مع احتفالات الحزب الشيوعي الصيني بالعيد التسعين لتأسيسه، وسوف يتسع البروتكول الجديد «السوداني الصيني» لمجالات تعاون حيوية وإستراتيجية بالنظر للعلاقة الواسعة بين الصين والسودان في المجالات الاقتصادية والبترول والطاقة، وربما شهد العام القادم إسهام المنظمات الصينية غير الحكومية لمساعدة السودان.